للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما من يطلب رزقه بالمعاملات المحرمة التي ورد النهي عنها والوعيد لمن ولج أبوابها فهذا مستبطئ لرزقه معترض على ما شرعه الله من كسب ماله بالطرق المباحة

فإن الله تعالى قال في حق آكل الربا: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (٢٧٦)} [البقرة: ٢٧٦].

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في قوله: (والله لا يحب كل كفار أثيم): لا يحب كفور القلب أثيم القول والفعل، ولا بد من مناسبة في ختم هذه الآية بهذه الصفة، وهي أن المرابي لا يرضى بما قسم الله له من الحلال، ولا يكتفي بما شرع له من التكسب المباح، فهو يسعى في أكل أموال الناس بالباطل، بأنواع المكاسب الخبيثة، فهو جحود لما عليه من النعمة، ظلوم آثم بأكل أموال الناس بالباطل. (١)

وهكذا كل آكل للحرام سواء بالربا أم بالغش أو المقامرة, أو التطفيف بالميزان, أو أكل أموال اليتامى ظلما فإنه غير راض لما قسمه الله, فعليه أن يتوب إلى الله وأن يكون راضيا بما قسم الله له في الدنيا من سعة أو ضيق, محتسبا الأجر في الآخرة, فهذه هي حال المؤمنين المذعنين المسلمين لشرع الله فعن صُهَيْبٍ الرومي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:

(عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ) (٢)


(١) تفسير القرآن العظيم (١/ ٧١٥).
(٢) رواه مسلم، كتاب الزهد والرقائق. باب المؤمن أمره كله خير، برقم (٢٩٩٩).

<<  <   >  >>