للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الأول: تيسير مؤونة النكاح.

فقد أمر الله عباده المؤمنين بإنكاح من يحتاج الزواج من الرجال والنساء وأهل الصلاح من العبيد والإماء فقال: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (٣٢)} [النور: ٣٢] , فأرشد الله في هذه الآية الكريمة الأولياء إلى أن الفقر ليس مانعا من النكاح فالله سبحانه هو المتكفل بأن يغنيهم من فضله وهذه الآية تدعو الأولياء إلى تيسير مؤونة النكاح على راغبي الزواج, حتى يُعِفوا أنفسهم.

ومن تيسير مؤن النكاح عدم المغالاة في المهور, خاصة إذا أصبح الصداق عائقا عن النكاح فإن الله تعالى لما أوجب الصداق كحق واجب للمرأة في قوله: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} ختم الآية بقوله: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)} [النساء: ٤]

وقال تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٢٤)} [النساء: ٢٤] , أي: إذا أعطت المرأة زوجها شيئا من هذا المال بعد فرضه وتسميته لزوجها فلا حرج في أن يأكله حلالا طيبا, فلا بأس فيما يتراضى عليه الزوجان في ذلك, ولا شك أن في ذلك من التيسير على الزوجين ما تطيب به النفس ويحصل به النفع.

كما أن غلاء المهور يعتبر عقبة كؤود في وجوه كثير من الشباب الذي لا يستطيع القيام بتوفير الصداق, كما أنه لا يؤدي إلى البركة في النكاح, وقد بين عمر الفاروق رضي الله عنه ذلك بقوله: (ألا لا تغالوا بصُدُق النساء فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها النبي - صلى الله عليه وسلم - ما أصدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امرأة من نسائه ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشر أوقية وإن الرجل ليبتلى بصدُقة امرأته حتى تكون لها عداوة في نفسه وحتى يقول: كلفت إليك علَقَ القِرْبة ... ) (١).


(١) أخرجه أحمد في المسند برقم (٢٨٥) , وأبو داود في كتاب النكاح باب الصداق برقم (٢١٠٦) , والترمذي كتاب النكاح باب مهور النساء برقم (١١١٤) وقال: هذا حديث حسن صحيح, والحاكم في المستدرك كتاب النكاح برقم (٢٧٢٥) , وصححه الألباني (إرواء الغليل ٦/ ٣٤٧) , وعلق القربة هو الحبل الذي تحمل به القربة.

<<  <   >  >>