إن صلاح حياة العبد وسعادته ونجاته في الدنيا والآخرة لا يتحقق إلا إذا كان العبد متبعا لهذه الشريعة الغراء, فمهما حاول المرء أن يبحث عن أحكام وقوانين تناسب هذا الكون وتضبطه فلن يجد خيرا من حكم الله {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠)} [المائدة: ٥٠].
إن القوانين الجاهلية قوانين لا تخاطب الفرد بكونه عبدا منقادا لأمر الله فلا تلامس روحه ومشاعره فتقوده إلى الفوز والفلاح.
فإذا قرأ العبد قول الله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (١٣١)} [النساء: ١٣١]. وتأمل هذه الوصية العظيمة التي أوصى الله تعالى بها الخلائق أجمعين ألا وهي تقوى الله تعالى الجامعة لكل خير وعلم أن هذه الوصية جاءت بعد قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (١٣٠)} [النساء: ١٣٠].
تبين له أن هذه الآية جاءت لترشد العباد أنه إذا أغلقت كل السبل بين الزوجين, ولم ترض الزوجة بنشوز زوجها عنها, وأبى الزوج الإحسان إليها, ففي هذه الحالة شرع الله لعباده المتقين مخرجا ألا وهو الطلاق, وأن الله سيغني كلا من سعته, فقد يغني الله المطلقة بزوج أصلح لها من زوجها السابق, أو برزق أوسع, ويغني الله الزوج بزوجة أصلح له من زوجته السابقة أو عفة أو غير ذلك من رزق الله الواسع (١).
وإذا تأمل العبد مناسبة قوله تعالى:{يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} مع قوله تعالى في الآية التي بعدها {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} يدرك أنّ الذي له ما في السماوات