للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: فوائد معرفة الحكم]

إن معرفة حِكم أوامر الله وشريعته لها فوائد كثيرة وغايات نبيلة وسأورد في هذا المبحث بإذن الله ما يسعني جمعه، إذ لا يدرك أحد مرام هذه الفوائد ولا يحيط بجميع تلك المقاصد فهي في سعتها كالبحر الزاخر، وفي حسنها كاللآلئ والجواهر ومن تلك الفوائد ما يلي:

١ - إن معرفة الحِكم من أجل المسائل الإلهية (١):

فحين يكون العبد على علم بتلك الحكم، ويعلم أن الشريعة ما جاءت إلا بجلب المصالح وتكثيرها ودرء المفاسد وتقليلها، ويعلم أن الزكاة فيها تطهير للنفس والمال، كما قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)} [التوبة: ١٠٣] وأن تحريم الربا مثلا فيه صيانة المجتمع عن جشع أصحاب الأموال و غير ذلك من الحِكم الكثيرة, ترسخ يقينه أن مالك الملك وخالقه سبحانه وتعالى هو المتصرف في الكون فأي نفع وضر أو خير أو بلاء، وأي تصريف وتقدير هو من عند الله تعالى، فيوقن أن ما أخطأه لم يكن ليصيبه وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه.

حينها تنكشف للعبد أسرار الربوبية ومعانيها، فلا يحب إلا الله ولا يرجو سواه ولا يخاف إلا منه, ولا يتوكل إلا عليه, ولا يوقن إلا بوعده، ولا يدعو إلا إياه, ولا يراقب سواه وهذا هو التأله الحق والتعبد لله سبحانه وتعالى (٢) , فيجب أن يكون المكلف على علم به إذ هو من أسنى المقاصد و هو قطب رحى التوحيد ونظامه ومبدأ الدين المبين وختامه. (٣)


(١) انظر: منهاج السنة النبوية. شيخ الإسلام ابن تيمية (٣/ ٣٩).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى. (١/ ٨٩).
(٣) شفاء العليل, ابن القيم (١/ ٢).

<<  <   >  >>