للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفراق والرجعة والصبر على الأثرة، فاختارت الرجعة والصبر على الأثرة. فراجعها وآثر عليها، فلم تصبر، فطلقها (١) , وقد سبقت الإشارة إلى فضيلة ذلك في الباب الأول.

• المطلب الثالث: في الظهار.

الظهار أثر من آثار المشاكل والخلافات بين الزوجين فإن الزوج قد يختلف مع امرأته وقد يصل هذا الخلاف إلى أن يتلفظ الرجل على امرأته في شدة غضبه بكلام يندم عليه ويوقعه في الحرج بأن يحكم على زوجته بأمر يحرمها عليه, وبذلك يتعدى هذا الحرج إلى الزوجة التي هي بعيدة كل البعد عما وصفت به.

وتظهر هذه المشقة جلية في حادثة خولة رضي الله عنها حينما ظاهر منها زوجها أوس بن الصامت فقد جاءت تشتكي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يجدانه من المشقة بسبب التلفظ بهذا اللفظ.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت: (تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة و يخفى علي بعضه و هي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول: يا رسول الله أكل شبابي و نثرت له بطني حتى إذا كبرت سني و انقطع له ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك) , وهذه الأوصاف التي وصفت بها نفسها وشكواها إلى الله يدل على المشقة التي وجدتها والمعاناة التي لحقتها إثر كلمة الظهار.

وفي رواية أخرى تبين عظيم ما وجدت هي وزوجها من العناء تقول: (إن زوجي كان تزوّجني، وأنا أحَبّ الناس إليه، حتى إذا كبرتُ ودخلت في السنّ، قال: أنت عليّ مثل ظهر أمي، فتركني إلى غير أحد، فإن كنت تجد لي رُخصة يا رسول الله تنْعَشني وإياه بها فحدثني بها ... ) (٢).

فمن رحمة الله تبارك وتعالى وتخفيفه عليها وعلى زوجها وعلى الأمة أن أنزل صدر سورة المجادلة مبينا فيها عظيم تلك المقولة وشناعتها وما احتوته من الكذب فقال: {الَّذِينَ


(١) أخرجه الطبري (٩/ ٢٨٣) , والحاكم في المستدرك كتاب التفسير-تفسير سورة النساء برقم (٣٢٠٥) وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(٢) أخرجه الطبري (٢٣/ ٢٢٢).

<<  <   >  >>