للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الأول: المعاشرة بالمعروف:

فقد أمر الله عباده بذلك في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)} [النساء: ١٩].

فأمر الله الأزواج بمعاشرة النساء بالمعروف كما أن الرجال يحبون ذلك من النساء.

والمعاشرة تقتضي المخالطة والممازجة فيلزم من ذلك تطييب الأقوال وتحسين الأفعال والابتعاد عما تنكره النفوس والعقول مما يستهجن ويستقبح.

وتشمل المعاشرة بالمعروف: دفع المهر واختيار النفقة والكسوة والسكنى الطيبة بما هو في استطاعة الزوج, كما أن على الزوجة من المعاشرة ما على الزوج من حسن الحديث وطيب الأفعال وحسن التبعل والخدمة.

وفي القيام بهذا المعروف هدوء النفس ولذة العيش, وذلك أن حياتهما اشتملت على المعروف من شرع الله, وعلى ما تعارفا عليه, فلا يجدان شيئا ينكرانه بينهما, أما سوء المعاشرة فبها يحصل الشقاق والخلاف والمفارقة.

ولذلك فقد جاء الأمر بحسن المعاشرة حتى ولو وجد الزوج شيئا من الكراهة تجاه زوجته فإن الله تعالى قال: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا} ولم يقل: (فعسى أن تكرهوهن) لأن الزوج قد يكره من زوجته شيئا, فلاينبغي أن يطغى هذا الشيء فيؤدي إلى كراهتها فكراهيته لخصلة لا يدل على انتفاء الخير منها ولذلك قلل الله جانب الكراهة وغلّب جانب الخير فقال: {وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (١٩)} ومن ذلك ما يحصل من إنجاب الذرية, وتحسّن أخلاق الزوجة وغير ذلك من الخيرات (١) , وعن عمر بن الخطاب رضي


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٣٦٣) , البحر المحيط (٣/ ٢٨٥) , تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٤٢) , فتح القدير (١/ ٤٤١) , التحرير والتنوير (٤/ ٢٨٧).

<<  <   >  >>