للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الرابع: رفع الحرج والإثم عمن تاب من المعاملات المالية المحرمة.

فالتوبة مظهر من مظاهر رفع الحرج عن المذنب بأن يجعل له مخرجا مما عليه من الإثم (١) وهي من أهم قواعد الإسلام (٢).

وقد أمر الله متعاطي الربا بالتوبة رحمة به, ورفعا لما فيه من الإثم فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (٢٧٩)} [البقرة: ٢٧٨, ٢٧٩].

فتوبة الله على المرابي صورة من صور رفع الحرج, وذلك أن المرابي إذا أراد الإقلاع عما كان عليه وبقيت ذنوبه دون أن تمحى لبقي في نفسه ألم شديد, ولربما تمادى فيما كان عليه من المعاملات المحرمة, وفي هذا من المشقة والحرج ما يؤدي إلى القنوط من رحمة الله (٣) ولكن الله خفف على هذه الأمة ورضي منها بالتوبة اصطفاءً لها كما قال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].

لكن .. لابد أن تكون هذه التوبة بشروطها المعتبرة حتى تكون رافعة للحرج.

وبهذه الصور تتجلى عظمة هذا الدين بالتيسير على العباد ورفع الجناح والحرج عنهم, فلا مجال فيه للمشقة أو التعسير كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا ... ) (٤) الحديث.


(١) انظر: جامع البيان (١٨/ ٦٨٩) , أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٣٠٥) عند تفسير قوله: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
(٢) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١٧/ ٢٥).
(٣) انظر: رفع الحرج في الشريعة الإسلامية, يعقوب الباحسين (ص ٤٥٣).
(٤) أخرجه البخاري, كتاب الإيمان, باب الدين يسر برقم (٣٩).

<<  <   >  >>