للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن عباس رضي الله عنه عند تفسير هذه الآية: (فمن كان مقيمًا على الرّبا لا ينزعُ عنه، فحقٌّ على إمام المسلمين أن يستتيبه، فإن نزع، وإلا ضَرب عنقه) (١).

• المطلب الثالث: سوء عاقبة أكل مال اليتيم.

ومن المعاملات التي بين الله سوء عاقبة فاعلها: أكل مال اليتيم فقد قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (١٠)} [النساء: ١٠].

فتوعد الله من أكل مال اليتيم أو انتفع به بغير وجه حق أنه يأكل في بطنه نارا تأجج يوم القيامة (٢) وذلك أن الولي حين لم يراع حال اليتيم وضعفه وعجزه عن صيانة ماله في وقت كان أحوج فيه إلى الرعاية, توعده الله جل وعلا بسوء العقاب, بل جعل عقابه أشد من عقوبة مانعي الزكاة في قوله تعالى: {يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ} [التوبة: ٣٥] والسبب فيه: أن الفقير لا يملك المال ابتداءً وإنما يحصل له التمليك بدفع الزكاة إليه, أما اليتيم فهو مالك لذلك المال فكان منعه منه أقبح من منع الزكاة، فكان الوعيد أشد، ولأن الفقير قد يكون كبيرا يقدر على الاكتساب، أما اليتيم فإنه لصغره وضعفه عاجز فكان الوعيد في إتلاف ماله أشد. (٣)

وتقريرا لهذا الوعيد فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الربا وأكل مال اليتيم من السبع المهلكات.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ. قَالُوا يَا رَسُولَ الله: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ, وَالسِّحْرُ, وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَكْلُ الرِّبَا, وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ, وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ, وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ) (٤)


(١) أخرجه الطبري بسند عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس. انظر: جامع البيان (٦/ ٢٤).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٢).
(٣) انظر: التفسير الكبير, الفخر الرازي (٩/ ٢٠٨).
(٤) رواه البخاري، كتاب الوصايا, باب قول الله تعالى: (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) برقم (٢٦١٥) ومسلم في كتاب الإيمان, باب بيان الكبائر وأكبرها, برقم (٨٩).

<<  <   >  >>