للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المطلب الثاني: اشتراط اختيار الزوج الصالح البعيد عن الفواحش والفجور رجلا كان أو امرأة (١).

ومن حرص الإسلام على بناء الأسرة الصالحة أن الله تعالى لما بين المحرمات من النساء وأباح ما وراء ذلك في آية النساء اشترط على الرجال شروطا فقال: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ} [النساء: ٢٤] وأكده جل وعلا في آية المائدة فقال: {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ} [المائدة: ٥].

فاشترط جل وعلا أن يكون الزوج محصنا أي عفيفا, كما أنه يجب عليه ألا يكون ممن يغشى الفجور والفواحش علانية أو ممن يتخذ العشيقات والبغايا سرا فيغشاها دون غيرها.

وكذلك الزوجة فإنه يشترط ألا تكون ممن تجاهر بالزنا وألا تكون عشيقة لرجل في السر فإنه لا يجوز النكاح بها, وقد قال تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} [النور: ٣]. (٢)


(١) وهذا هو مذهب الحنابلة انظر: (المغني ٩/ ٥٦١) ورجحه ابن كثير في التفسير (٣/ ٤٣) , واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم.
(٢) اختلف المفسرون رحمهم الله في المراد بهذه الآية وسبب الخلاف في ذلك: معنى النكاح في قوله (لا ينكح إلا زانية) هل هو التزوج أو الوطء وأن التحريم راجع إلى الزنا؟ وهل المراد بصدر الآية التشريع أم أن صدر الآية ممهد لآخرها وهو تحريم نكاح الزاني أو الزانية؟ فمن ذهب إلى أن النكاح بمعنى الزواج: ابن عباس من طريق عطاء ومجاهد وعطاء وسعيد بن المسيب, ومن ذهب إلى أن معنى النكاح الوطء: عكرمة وسعيد بن جبير وابن عباس من طريق ابن أبي طلحة وكل له وجه فيما ذهب إليه لاشتراك لفظ النكاح في الوطء والزواج, وقد سرت على قول من قال أن المراد بالآية تحريم نكاح الزاني والزانية لورود سبب النزول لهذه الآية ولدلالة آية النساء (٢٤) والمائدة (٥) وأن أقل ما يفسر به الإحصان هو العفة وما بعده مكمل له, وهناك قول ثالث بأن الآية نسخت بقوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ} والله أعلم للاستزادة: انظر (جامع البيان ١٩/ ٩٦ - ١٠١) (مجموع الفتاوى ١٥/ ٣١٥ - ٣١٨) (زاد المعاد ٥/ ١١٤) (التحرير والتنوير ١٨/ ١٥٣ - ١٥٦) (أضواء البيان ٤/ ٣٨ - ٤٣).

<<  <   >  >>