ثم إن الأقوال السيئة بين الزوجين لا تؤدي إلى نتائج طيبة, بل على العكس, فهي توغل الصدور وتثير شهوة الانتقام, وقد تؤدي إلى الطلاق.
ولكن الله تبارك وتعالى بيّن لنا الطريق الصحيح لعلاج المشكلات الزوجية, أو الشقاق بين الزوجين, وأنه ليس بالشتائم والرمي بالتهم والأوصاف القبيحة المنكرة, فقال تعالى:
{وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤) وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (٣٥)} [النساء: ٣٤ - ٣٥].
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال في حجة الوداع: (فاتَّقُوا اللهَ في النِّساءِ، فإنهن عندكم عَوَانٌ، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشكم أحدا تكرهونه، فإن فَعَلْن فاضربوهن ضَرْبا غير مُبَرِّح .. ) (١)
فلا مكان إذا لمنكرات الأقوال حتى إذا وصل الأمر إلى النشوز والعصيان, وفي ذلك الحكمة البالغة من الحكيم الخبير.
• المطلب الثاني: النهي عن القذف ورمي المحصنات.
ومن الأحوال التي نهى الله عنها وغلظ عقوبة فاعلها لما فيها من الزور, القذف ورمي المحصنات, فهذا غاية الزور والبهتان, فقد رتب الله جل وعلا عليه أغلظ العقوبات في الدنيا والآخرة فقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥)} [النور: ٤ - ٥] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣)} [النور: ٢٣].
فبين الله جل وعلا في هذه الآيات خطورة قذف العفيفات الحرائر سواء كن ثيبات أو أبكارا
(١) أخرجه الإمام مسلم, كتاب الحج, باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - , برقم (١٢١٨). ومعنى: (عوان) أي هن عندكم بمنزلة الأسرى