للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج بسنده إلى قتادة أن عدوّ الله إبليس، أوحى إلى أوليائه من أهل الضلالة فقال لهم: خاصموا أصحاب محمد في الميتة فقولوا: أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون، وأما ما قتل الله فلا تأكلون، وأنتم تزعمون أنكم تتبعون أمرَ الله! فأنزل الله على نبيه: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}، وإنا والله ما نعلمه كان شرك قط إلا بإحدى ثلاث: أن يدعو مع الله إلهًا آخر، أو يسجد لغير الله، أو يسمي الذبائح لغير الله (١)

• تسمية المحرمات بغير اسمها تزيينا للنفس.

لما حرم الله على آدم عليه السلام الأكل من الشجرة لم يطمعا في الأكل من الشجرة حتى أتاهما الشيطان وغرهما وأسمى هذه الشجرة بشجرة الخلد مكرا وكيدا منه.

وكذلك الحال مع بني آدم فإن الشيطان يزين لهم ما حرمه عليهم من الطعام والشراب فيزين لهم الخمر بتسميتها شراب الأفراح, أو مشروب الروح ونحو ذلك, فيقع العبد بهذه الوسيلة في المعصية, حيث يخف وقع الاسم عليه فيدعوه ذلك لشرب الخمر. (٢)

وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - لأمته هذه المكيدة الإبليسية, فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويضرب على رءوسهم المعازف، والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض، ويجعل منهم القردة، والخنازير) (٣)

فهاهو النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين لأمته ما يحصل من تسمية ما حرمه الله تعالى بغير اسمه ومن ذلك الخمر وأخبر بالوعيد الشديد لمن يغير الحقائق ويغر الناس.


(١) جامع البيان (١٢/ ٨٠ , ٨١).
(٢) انظر: إغاثة اللهفان (١/ ١١٢).
(٣) أخرجه الإمام أحمد في المسند برقم (٢٢٩٥١) , وأبو داود في سننه, كتاب الأشربة, باب ما جاء في الداذي برقم (٣٦٨٨). والنسائي في السنن, كتاب الأشربة, باب منزلة الخمر, برقم (٥٦٥٨) , وابن ماجة في كتاب الفتن, باب العقوبات, برقم (٤٠٢٠) , وابن حبان في صحيحه, كتاب التاريخ, باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث, برقم (٦٧٥٨) , والحاكم في المستدرك في كتاب الأشربة برقم (٧٢٣٧) وصححه وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي, وقال الألباني: صحيح لغيره (صحيح الترغيب والترهيب ٢/ ٣٠٢).

<<  <   >  >>