للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: تيسير أمر النكاح]

النكاح من الأحكام الشرعية التي تتجلى فيها مظاهر اليسر والتخفيف, كيف لا وهو سنة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي أرسل ليضع عن الأمة إصرها.

لقد كان نكاح الجاهلية لا يخلوا من هذه الآصار مما تستقبحه العقول والنفوس, فلا فرق لديهم بين نكاح البغايا والزنا وبين النكاح الذي تعارف عليه الناس عن طريق الخطبة والصداق ثم النكاح.

فجاء الإسلام بتحريم تلك الأنكحة التي لا تخلوا من حرج وإثم وأحل النكاح المنضبط الذي لا حرج به وترضاه النفوس الطاهرة والعقول السليمة, وأصبح هذا النكاح لا يلحق بصاحبه العار, بل إنه من صفات المؤمنين الذين وصفهم به جل وعلا فقال: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)} [المؤمنون: ٥ - ٦] , بل زاده النبي - صلى الله عليه وسلم - شرفا, حين قال: (حبب إلي من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عيني في الصلاة) (١). فمحبة الزوجة تحصل بها لذة البدن وحفظ صحته مع المؤانسة وبقاء النسل وقد كان ذلك محببا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ولما كان النكاح مشتملا على مصالح عظيمة للفرد والمجتمع فقد جاء القرآن داعيا إلى تيسير أمر النكاح, وجاءت أحكامه مشتملة على التيسير بين الزوجين.

ويظهر لنا ذلك من خلال عدة أمور:


(١) أخرجه أحمد في المسند برقم (١٢٣١٥) , والنسائي في سننه, كتاب عشرة النساء, باب حب النساء برقم (٣٩٣٩) عن أنس بن مالك, قال الألباني: حسن صحيح (في تعليقه على سنن النسائي) وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند: إسناده حسن.
(٢) انظر: شرح السيوطي لسنن النسائي (٧/ ٦١).

<<  <   >  >>