كما أمر الله تبارك وتعالى بالتعاون والتكافل بين المؤمنين, فقد أمر وأوجب صلة الرحم فهي آكد وأقوى لما جبل عليه الناس من نصرة ذوي أرحامهم والانتماء إليهم.
ولما كان الأمر كذلك أمر الله بصلتها وامتدح الواصلين لها ونهى عن قطيعتها وذم قاطعيها فقال مادحا ومبشرا للواصلين: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ (٢١)} [الرعد: ٢١]. وقال محذرا ومهددا لقاطعي الرحم: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (٢٥)} [الرعد: ٢٥].
وأخبرنا الله تعالى كذلك أن اتباع شرائع الإسلام سبب لصلة الأرحام, وأن الإعراض عن القرآن سبب لقطع الأرحام فقال: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣)} [محمد: ٢٢ - ٢٣].
ومن شرائع الإسلام التي تتبين فيها صلة الأرحام أحكام المواريث.
ولئن كان الأمر في بداية الهجرة أن التوارث كان قائما على التآخي, فقد كانت الحكمة في ذلك الوقت أن يتوارث المسلمون بالهجرة, تمكينا لأواصر الأخوة الإسلامية, وتقوية للدولة الإسلامية الناشئة, ولما قوي المسلمون وانتصروا في غزوة بدر أرجع الله أمر التوارث بين الأقربين وذوي الأرحام قال: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٧٥)} [الأنفال: ٧٥].