للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: حفظ الحقوق]

إن من أعظم الحقوق التي يجب على العبد أن يحفظها ويرعاها حق نفسه وما به حياتها وصحتها وقوامها, وقد أوجب النبي - صلى الله عليه وسلم - للنفس حقا يجب القيام به (١).

وقد بين القرآن الكريم سبل حفظ هذا الحق, وسأبين ذلك من خلال ما يلي:

• المطلب الأول: المحافظة على البدن وصحته بتناول الطعام الطيب وتعاطي الدواء النافع.

فقد أباح الله في كتابه الطيبات من الطعام والشراب لأنها قوت الأبدان.

ولما كان في الصوم الامتناع عن الطعام والشراب رخصه الله تبارك وتعالى للمريض والمسافر حفظا لصحة البدن فقال: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٥]. فإذا امتنع المريض عن الطعام والشراب زاد مرضه, وكذلك المسافر إذا اجتمع عليه كثرة الحركة مع قلة الطعام خارت قوته وضعفت (٢).

وقد جعل تعالى من الأشربة ما هو شفاء للأبدان من الأمراض حفظا للصحة فقال تعالى عن النحل: {يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} [النحل: ٦٩].

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أخي يشتكي بطنه. فقال: (اسقه عسلا). ثم أتاه الثانية فقال: (اسقه عسلا). ثم أتاه الثالثة فقال: (اسقه عسلا). ثم أتاه فقال قد فعلت؟ فقال (صدق الله وكذب بطن أخيك اسقه عسلا). فسقاه فبرأ (٣).

قال ابن كثير رحمه الله: (قال بعض العلماء بالطب: كان هذا الرجل عنده فضلات، فلما سقاه عسلا وهو حار تحللت، فأسرعت في الاندفاع، فزاد إسهاله، فاعتقد الأعرابي أن


(١) انظر: صحيح البخاري, كتاب الأدب، باب صنع الطعام والتكلف للضيف برقم (٥٧٨٨).
(٢) انظر: زاد المعاد (٤/ ٦).
(٣) أخرجه البخاري, كتاب الطب باب الدواء بالعسل برقم (٥٣٦٠) , ومسلم في كتاب السلام باب التداوي بسقي العسل برقم (٢٢١٧).

<<  <   >  >>