للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فسبحان الله القدير الذي جعل من النكاح نسبا وصهرا, العليم بما يصلح المجتمع من جعله شعوبا وقبائل ليحصل التعارف والتواصل بين الأرحام, إنه بعباده خبير بصير, وهذا ما تضمنته هذه الآيات الثلاث.

• المطلب الثاني: النكاح مظهر من مظاهر التكافل الاجتماعي.

الزواج فيه كفاية للمؤونة, وتكافل بين الأسر والقبائل, فإن الرجل إذا تزوج المرأة فإنه يخفف على أبيها أن يعيلها, وتصبح النفقة على الزوج بدل الوالد, فبعد أن كان الأب ينفق على ثلاثة أو أربعة تسهل عليه النفقة والمؤونة, ويصبح الزوج مكلفا بكفالة زوجته فإذا كان موسرا وأمن العدل أبيح له التعدد وبهذا يتكافل المجتمع ويترابط, كما أن في النكاح إحسان القوي - وهو الرجل - على الضعيف - وهي المرأة - (١).

وقد هدى القرآن العظيم البشرية إلى هذه الطريقة بأقوم هدي وأعدل نظام وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣)} [النساء: ٣].

وإذا تأمل العبد وجه الارتباط بين الخوف من عدم القسط في يتامى النساء وبين الأمر بنكاح النساء وتعددهن تبين له كيف عالج الإسلام مشكلة الظلم والعضل, بالتكافل والترابط عن طريق النكاح والتعدد فيه.

ففي السابق إذا كان للرجل يتيمة في حجره, تزوجها إن كانت جميلة من غير أن يقسط في صداقها، وإن كانت دميمة رغب عن نكاحها وعضلها أن تنكح غيره لئلا يشاركه أحد في مالها. فنهُوا أن ينكحوهنَّ إلا أن يقسطوا إليهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق، وأُمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهنَّ (٢).


(١) انظر: محاسن الإسلام, لمحمد البخاري (ص ٤٤).
(٢) كما في أثر عائشة رضي الله عنها عند البخاري, كتاب التفسير, باب سورة النساء برقم (٤٢٩٨) , ومسلم في كتاب التفسير برقم (٣٠١٨).

<<  <   >  >>