للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن الطلاق قبل المسيس وإن كان فيه كسر لخاطر المرأة فإنه أبعد عن إثارة البغضاء منه بعد الدخول بها, وقد شرع الله للزوج أن يمتعها جبرا لخاطرها.

وبهذا يظهر ما في هذا الحكم من التيسير على العباد. (١)

الوجه الثاني: رفع الحرج والتبعة في عدم دفع الصداق للمطلقة إن لم يسم لها المهر ولم يَبْنِ بها فإن الله عز وجل خفف عن الرجل دفع المهر لها عند انتفاء الشرطين وهما المسيس وتسمية الصداق لأنه لم يَعِدْها بصداق مسمى, فجعل تبارك وتعالى فيما تجده المرأة من كسر خاطرها بالطلاق أن يمتعها بشيء من المال (٢).

أما إن سمى لها صداقا فتعلقت به نفسها ثم طلقها فقد أوجب عليه نصف ما فرض لها. جزاء ما فرض, وهذا يخفف على الزوجة ألم الطلاق وما تعلقت به نفسها حين سمى الصداق لها (٣) , ومع ذلك فقد رغب جل وعلا في العفو في هذا القدر من باب الإحسان والفضل.

• المطلب الثاني: رفع الجناح أن تختلع المرأة من زوجها عند الحاجة.

وهذا من مظاهر التيسير الوارد في آيات الطلاق, فإن الطلاق لما كان بيد الرجل, فإنه قد يحصل بين الرجل وزوجته من المشاحنات ما لا تستطيع المرأة البقاء مع الرجل وقد يقع عليها من الظلم ما لا تستطيع تحمله, وقد لا تستطيع المرأة أن تستمر مع هذا الزوج لسبب من الأسباب إما لكراهة شديدة أو سوء خلق أو غير ذلك, فإذا امتنع الزوج في هذه الحالة عن تطليقها ستصبح الزوجة في مشقة شديدة.

فمن حكمة الله أن يسر الله لها سبيلا لما هي فيه وذلك في قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ


(١) انظر: المحرر الوجيز (٢/ ٣١٦) , الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٥٧) , البحر المحيط (٢/ ٣٦٨) , التحرير والتنوير (٢/ ٤٥٧).
(٢) انظر: الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٥٨) ,نظم الدرر (١/ ٤٤٦) , روح المعاني (٢/ ١٥٢) , تيسير الكريم الرحمن (ص ١٠٥).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٢/ ٤٥٩).

<<  <   >  >>