للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: التربية على الصبر]

الصبر من الصفات العظيمة التي أمر الله جل وعلا بالتحلي بها ووعد عليها أعظم الجزاء.

وأصل الصبر الحبس (١) , والمراد به حبس النفس عن الجزع والتسخط وحبس اللسان عن الشكوى وحبس الجوارح عن البطش والأذى.

والله سبحانه وتعالى يعطي على الصبر ما لا يعطي على غيره كما قال تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ (١٠)} [الزمر: ١٠]. وقال: {وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٩٦)} [النحل: ٩٦].

والصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة، فإذا ثبت العبد على مخالفة الشهوة التحق بالصابرين (٢) ولذلك فإن الصبر عن الشهوات يحتاج من العبد إلى مجاهدة ورياضة , وقد بيَّن ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (من يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحد عطاء خيرا وأوسع من الصبر) (٣).

وفي أبواب النكاح ما يربي العبد المؤمن على الصبر والتصبر ويأمره به, وفي التحلي بذلك الخير العظيم والفوز والسعادة في الدنيا والآخرة.

• المطلب الأول: الحث على الصبر عند عدم القدرة على النكاح.

فحين لا يستطيع العبد المسلم تحصيل ما أباح الله له من شهوة النساء بطريق النكاح فقد أُمِر بالصبر حتى يأتي الله له بالفرج.


(١) {لسان العرب (٤/ ٤٣٧).
(٢) {إحياء علوم الدين (٤/ ٧٧).
(٣) {أخرجه البخاري, كتاب الزكاة, باب الاستعفاف عن المسألة, برقم (١٤٠٠) , ومسلم في كتاب الزكاة, باب فضل التعفف والصبر, برقم (١٠٥٣).

<<  <   >  >>