للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الأول: إقامة شعائر الله]

خلق الله الخلق لغاية عظيمة وهي عبادته وحده لا شريك له, واقتضت هذه العبودية القيام بما أمر الله به عباده من الحدود والفرائض.

وكما ورد في سياق آيات الأطعمة الدعوة إلى تعظيم شعائر الله, فقد ورد فيها كذلك تذكير العباد بإقامة هذه الشعائر وما لها من أثر على المجتمع.

• فقد أشارت الآيات في كتاب الله أن هناك تلازما بين إقامة الأمة لشعائر الله وبين طعامهم وشرابهم.

وذلك أنه لما كان الطعام والشراب من الحظوظ التي تستدعيها النفس, وربما سعت في البحث عنها وطلبها سعيا حثيثا لحاجتها إليها, اقتضت حكمة الله جل وعلا تذكير العباد بما فيه مخالفة الهوى (١) , بإقامة أوامره وحدوده, ومن رحمة الله تعالى أن جعل حاجة الإنسان لا تعارض شريعته, بل جعل إقامتها طريقا إلى التوسعة على العباد في المأكل والمشرب.

وقد بين جل وعلا للعباد في كتابه هذا الأمر غاية البيان وخصوصا حينما يتعلق الأمر بحال مجتمع من المجتمعات أو أمة من الأمم فإن أثر إقامة هذه الأوامر أو إضاعتها سيؤثر على المجتمع سلبا أو إيجابا.

فقد أخبر تعالى عن حال اليهود حين طُلِب منهم ما فيه خير لهم في العاجل والآجل فكان الحال أن ضيعوا أمر الله وحرفوه إلى ما يوافق أهواءهم وشهواتهم فقال عن حالهم: {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (٥٩)} [البقرة: ٥٨ - ٥٩].


(١) انظر: الموافقات (٢/ ٤٨٠).

<<  <   >  >>