للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: اجتناب مسالك الغواية]

امتن الله على عباده المؤمنين أن بعث فيهم رسولا يزكيهم ويتلو عليهم الآيات كما قال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (١٦٤)} ... [آل عمران:١٦٤].

فلا خير إلا دل الأمة عليه ولا شر إلا حذرها منه وترك أمته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

فطاعته - صلى الله عليه وسلم - واتباع شرعه إنما هو عين الخروج من الضلال والغواية, ومن رحمة الله بهذه الأمة أن بين لها مسالك الغواية حتى تهتدي وترشد.

وإن مما تكثر فيه سبل الغواية ومسالك الضلال باب الأطعمة وما يتعلق به, ذلك أنها تدخل على العبد من بابي الشهوات والشبهات.

وقبل الحديث عن مسالك الغواية يحسن التعريف بمعناها.

فالغواية: من الغي وهو الضلال والخيبة. (١)

والغي في قوله: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ}: تعدي الحق وتجاوزه إلى الضلال. (٢)

وقد جاءت آيات الأطعمة محذرة من هذا المزلق الخطير ومبينة أعظم الطرق التي توقع العبد في الغواية والضلال, حتى نجتنبها ونبتعد عنها.

فالطريق الأول: اتباع خطوات الشيطان.

والطريق الثاني: الفسق, وهما طريقان عظيمان كل طريق منهما يتشعب إلى شعاب يوقع في غياهب الضلال.


(١) لسان العرب (١٥/ ١٤٠).
(٢) انظر: جامع البيان (٥/ ٤١٦).

<<  <   >  >>