للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: التكافل الاجتماعي]

التكافل من الأخلاق العظيمة التي جاء الإسلام آمراً بها, ومحققا لها بين العباد, بل هي من محاسن الشريعة الغراء, فصلاح المجتمع بترابطه وتآلفه وتكاتفه.

وقد جاءت التشريعات والأحكام الإسلامية بتحقيق أواصر المحبة والتكافل بين المجتمع المسلم, وسد طرق القطيعة والخصومة والنزاع, مما يعزز التآلف والتناصر والتعاون بين المجتمع المسلم.

وإن من الحِكم العظيمة التي اشتمل عليها النكاح بتشريعاته, تطبيق هذا الخلق العظيم وتحقيقه بين أفراد المجتمع.

ولذا فقد ورد في آيات النكاح ما يدعو إلى التكافل وتقوية الأواصر الاجتماعية بين الناس, وسأبين ذلك من خلال ما يلي:

• المطلب الأول: النكاح أصل النظام البشري في الاجتماع والترابط.

ويتضح ذلك جليا من قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا (٥٤)} [الفرقان: ٥٤].

فبينت الآية الكريمة عظيم قدرة الله أن خلق من هذا الماء بشرا واختصه بتكوين نظام اجتماعي فريد, بأن قسّم البشر - ذكورا وإناثا - إلى أنساب وأصهار, فبعد أن يكون الولد نسيبا يبلغ ثم ينكح المرأة التي يصاهر بها فيصبح صهرا.

وهكذا يرتبط في مجتمعه بقرابتين, قرابة نسب وقرابة مصاهرة, وقد تجتمع القرابتين سويا وهكذا تقوى أواصر التقارب والترابط بين المجتمع (١).

ولما كان هذا النظام من نعم الله على البشرية جمعاء أمر الله عباده المؤمنين أن يسخروا هذا الترابط فيما يصلح المجتمع المسلم لا فيما يفسده فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (١٣)} [الحجرات: ١٣].


(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٦/ ١١٧) ,روح المعاني (١٩/ ٣٦, التحرير والتنوير (١٩/ ٥٥, ٥٦).

<<  <   >  >>