للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الأولياء منعها من ذلك بحجة حزنها على زوجها المتوفى أو لأي سبب آخر إذا كان ما تفعله المرأة من قبيل المعروف شرعا وعرفا, أما إن تجاوزت ذلك إلى التبرج أو مباشرة عقد النكاح بدون ولي أو غير ذلك مما هو من قبيل المنكر شرعا وعادة فعلى الولي منعها من ذلك (١).

ولما بين الله تعالى ما على النساء فعله من المعروف, بين ما يباح للرجال تجاه من توفي عنها زوجها وهي في العدة فقال: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (٢٣٥)} [البقرة: ٢٣٥].

فقد أباح الله تبارك وتعالى للرجال إذا رغبوا في نكاح امرأة توفي عنها زوجها وهي معتدة, ويدخل في ذلك المطلقة طلاقا بائنا, أن يقولوا لهم قولا معروفا من التعريض بالخطبة دون التصريح كأن يقول لها: إني أريد التزوج, أو إني أريد امرأة من صفاتها كذا وكذا, فهذا من المعروف الذي أباحه الله, ونهاهم عن المنكر من المواعدة في السر سواء للتصريح لها برغبته في النكاح, أو عقد النكاح وقت العدة مما هو مجمع على تحريمه, أو الزنا والعياذ بالله مما هو منكر شرعا وعرفا. (٢) فالواجب على العبد قول المعروف الذي أحله الله له والابتعاد عما دون ذلك.

فالتعامل بالمعروف في جميع شؤون الحياة الزوجية من نكاح وطلاق وعدة فيها صلاح ظاهر للمجتمع بأن يكون المعروف هو السائد في المعاملات بين الرجال والنساء, وأن يتواصى المجتمع على حفظ المعروف الذي تعارفوا عليه وأقره الشرع مما يؤدي إلى الترابط والتناصح, وما يسببه المعروف كذلك من دوام العشرة بين الزوجين, أو نزع البغضاء بينهما حال الطلاق مما يحفظ العهد بينهما ويقطع عنهما ذكر بعضهما بسوء.


(١) انظر: أحكام القرآن لابن العربي (١/ ٢١٢) , الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٤٣) , البحر المحيط (٢/ ٣٦٠).
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٦٣٩).

<<  <   >  >>