للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثاني: التيسير على الأمة فيما يصلح معيشتهم]

يسر الله تعالى لعباده ما هو من مصالحهم وحاجاتهم, ومن مظاهر هذا التيسير: التيسير في المعاملات المالية, ويتضح ذلك في الصور التالية:

• المطلب الأول: الامتنان على العباد بإباحة التكسب لهم على وجه العموم.

وقد جاء ذلك في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى في آيات الحج: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ (١٩٨)} [البقرة: ١٩٨] , وقوله تعالى في سورة الجمعة: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)} [الجمعة: ١٠]

فجعل الله تعالى الشريعة الإسلامية شريعة سمحة سهلة, ولو شاء عز وجل لأمر خلقه بالانقطاع لعبادته فهو خالقهم ومالكهم, لكن من فضل الله على هذه الأمة ورفع الحرج عنهم أن أباح لهم حاجاتهم من المعاملات وسهل لهم سبلها, للقيام بوظائفهم المتعلقة بهم وبأهليهم وأولادهم, تيسيرا لهم وتحبيبا في هذا الدين, إذ لو كان الأمر كما ذكر من الانقطاع للعبادة دون سائر الوظائف لأدى ذلك إلى كراهة التكليف.

ومما يدخل في هذا المعنى قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ .. } الآية [المزمل: ٢٠]

فقد خفف الله تعالى على عباده فرض قيام الليل رفعا للحرج وتيسيرا لهم لما علمه جل وعلا أنه سيكون من عباده المريض أو المسافر للتجارة وطلب المعاش أو المجاهد في سبيل الله.

<<  <   >  >>