عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (٦)} [الطلاق: ٦].
فنهى الله الوالدة أن تدفع الولد لأبيه بعد الولادة مباشرة بقصد الإضرار بأبيه, كما نهى الله الزوج أن يأخذ الرضيع من أمه بقصد الإضرار بها, وأمرهما الله بالاتفاق على المعروف في شأن الإرضاع والفطام وفي شأن النفقة والكسوة والسكنى.
فيجب أن تكون جميع هذه المعاملات على المعروف الذي رضيه الله لعباده.
• المطلب الثالث: فعل المعروف في زمن العدة وبعد انقضائها.
قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٣٤)} [البقرة: ٢٣٤].
أمر الله تعالى الزوجات اللاتي توفي عنهن أزواجهن أن يتربصن في العدة أربعة أشهر وعشرا, ونهاها في هذه الفترة أن تخرج أو تمس طيبا أو تتزوج, ولقد شدد النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحكم على النساء, فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: (جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله. إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفتكحلها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا). مرتين أو ثلاثا. كل ذلك يقول (لا) ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ... (إنما هي أربعة أشهر وعشر وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول) (١).
فإذا انقضت عدتها فقد أباح الله لها ما تريد أن تفعل شريطة أن يكون بالمعروف, وذلك أن المرأة بعد هذه العدة يجوز لها الخروج من البيت والتشوف للخطاب والتزين, وليس
(١) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق, باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا برقم (٥٠٢٤) , ومسلم في كتاب الطلاق, باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام برقم (١٤٨٨). ومعنى قوله (ترمي بالبعرة على رأس الحول) إشارة إلى ما نسخ من كون عدة المتوفاة سنة كاملة لا تمس فيها طيبا ولا تغتسل.