للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث التاسع: حفظ العفة ومحاربة الرذيلة]

العفة طبع أصيل وخلق نبيل, جامع للفضائل ودافع للرذائل, جاء به الإسلام ليقوّم به ما اعوج من خلق الجاهلية, فقد أخبر بذلك أبو سفيان رضي الله عنه هرقل حين سأله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال له: بماذا يأمركم؟ فقال أبو سفيان: يقول اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا واتركوا ما يقول آباؤكم ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة (١).

قال سماك بن حرب (٢): كان أهل الجاهلية إذا كان في الرجل ست خصال سودوه الحلم والعقل والسخاء والشجاعة والبيان والتواضع ولا يكملن في الإسلام إلا بالعفاف (٣).

وكان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) (٤).

والعفاف لفظ عام يشمل الكف عن المحرمات وخوارم المروءة (٥) , ويدخل فيه عفة العبد في حفظ فرجه وهو المراد في هذا المبحث.

وقد جاء القرآن آمرا بهذه العفة مادحا أهلها, فقد امتدح جل علا المفلحين بصفات ومنها قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (٧)} [المؤمنون: ٥ - ٧].


(١) أخرجه البخاري, كتاب بدء الوحي, باب كيف كان بدء الوحي إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - برقم (٧) ومسلم في كتاب الجهاد والسير, باب كتاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام برقم (١٧٧٣).
(٢) سماك بن حرب بن أوس بن خالد بن نزار بن معاوية بن حارثة, أبو المغيرة الذهلي البكري الكوفي حدث عن ابن الزبير، والنعمان بن بشير، وجابر بن سمرة، وأنس بن مالك, وحدث عنه شعبة، والثوري، وزائدة، والحسن ابن صالح, قال سفيان الثوري: ما سقط لسماك بن حرب حديث. مات سنة ١٢٣ هـ (السير ٥/ ٢٤٥ - ٢٤٨).
(٣) فتح الباري (١٠/ ٣٢٣).
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار, باب التعوذ من شر ما عمل ومن شر ما لم يعمل برقم (٢٧٢١).
(٥) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١٢/ ١٠٦).

<<  <   >  >>