للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرشد المراد: هو الرشد في العقل وحصوله في رعاية الأموال وحفظها من التلف

والضياع (١).

• ولما كان اليتيم قبل البلوغ غير قادر على إصلاح المال وحفظه أضافه الله لمن يصلحه بإضافته إلى ضمير المخاطبين بقوله: {أَمْوَالَكُمُ} , فلما أصبح رشيدا قادرا على القيام على ماله بما يصلحه أضافه الله إليه فقال: {فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (٢).

وبهذا يتبين ما على المجتمع القيام به من حفظ مال اليتيم, وأن في حفظ ماله حفظا لمال الأمة ورعاية لمصلحتها.

• المطلب الرابع: حفظ حق الكاتب والشهيد.

لئن كان ما سبق بيانه في هذا المبحث بيان حفظ الحقوق المالية, فقد بين الله تعالى في آية الدين حفظ حق الكاتب والشهيد في الديون والمبايعات, فلهما حق غير حق المال.

فإن الله تعالى لما أمر الكاتب أن يكتب الدين ونهاه عن الإباء, ونهى الشهداء عن التخلف عن الشهادة إذا دعوا إليها, نهى عن الإضرار بهم فقال: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢].

وقد بين السلف رحمهم الله تعالى سبل الإضرار بالكتبة والشهداء.

فعن مجاهد رحمه الله: (ينطلق الذي له الحق فيدعو كاتبَه وشاهدَه إلى أن يشهد، ولعله أن يكون في شُغل أو حاجة، ليؤثمه إن ترك ذلك حينئذ لشغله وحاجته) وقال: (لا يقمْ عن شغله وحاجته، فيجدَ في نفسه أو يحرَج).

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (والضِّرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غنىّ: إنّ الله قد أمرك أن لا تأبَى إذا دعيت! فيضارُّه بذلك، وهو مكتف بغيره. فنهاه الله عز وجل عن ذلك وقال: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ}. (٣)


(١) انظر: جامع البيان (٧/ ٥٧٧) , روح المعاني (٤/ ٢٠٥).
(٢) انظر: التفسير الكبير (٩/ ١٩١).
(٣) جامع البيان (٦/ ٨٨).

<<  <   >  >>