فإن الزوجة والأولاد قد يفتنان الزوج ويصدانه عن الطاعات وأعمال البر, فكثير من الأزواج قد يتقاعس عن فعل الخير بسبب استعطاف زوجته له فإذا فات الأمر وانقضى همَّ أن يعاقبها أو يطلقها, وهذا خطأ بيِّن في كلا الحالين.
وقد وجهنا الله تبارك وتعالى التوجيه المناسب تجاه هذه الظاهرة, فحذرنا من طاعتهن في المعصية وأمرنا بالصبر والصفح عنهن, حتى وإن كن سببا في تقصير الزوج في الطاعات فقال: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)}.
قال السّعدي في تفسيره: (لما كان النهي عن طاعة الأزواج والأولاد فيما هو ضرر على العبد، قد يوهم الغلظة عليهم وعقابهم، أمر تعالى بالحذر منهم والصفح عنهم والعفو، فإن في ذلك من المصالح ما لا يمكن حصره، فقال: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤)} لأن الجزاء من جنس العمل) (١).
• المطلب الثالث: تربية الزوجة والأولاد على الصبر:
ومن الصبر كذلك الصبر في الإنفاق على زوجته وأولاده من الحلال, فمع قلة ذات اليد واضطراب الأرزاق, قد يكون النكاح سببا في أن يلج الإنسان باب الحرام فيُدخِل في جوف زوجته وعياله ما حرم الله فيكون ذلك سببا في هلاكه.
ولذلك كان لزاما على العبد أن يصبر على هذا النوع من العداء, ألا وهو عداء المحبين.
وما أجمل أن يجد العبد زوجته وأولاده عونا له على الطاعة, يحثونه على الخير ويحذرونه من اكتساب الحرام, وأنهم يصبرون على الجوع ولا يصبرون على النار, حينها يعيش العبد في طمأنينة وسعادة. ولا يكون ذلك إلا بتربية الأهل والزوجة على الطاعات وخصال الخير, والورع, والابتعاد عن المعاصي والذنوب, وهذا يحتاج من العبد إلى تصبر ومجاهدة حتى يستقيم البيت كله على طاعة الله
ولذلك فقد أمر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - فقال: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى (١٣٢)} [طه: ١٣٢].
(١) {تيسير الكريم الرحمن, (ص ٨٦٨).