للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا يضره وهو مصلحة لأخيه، ثم سقاه فازداد التحليل والدفع، ثم سقاه فكذلك، فلما اندفعت الفضلات الفاسدة المضرة بالبدن استمسك بطنه، وصلح مزاجه، واندفعت الأسقام والآلام ببركة إشارته، عليه من ربه أفضل الصلاة والسلام) (١).

وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بالتداوي فقال: (تداووا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء .. ) (٢) الحديث

وهذا يدل على أن حفظ البدن حق من الحقوق التي يجب على العبد القيام به.

• المطلب الثاني: تحريم ما يفسد العقل والبدن ويؤثر في صحتهما.

من حكمة الله تعالى أن حرم على عباده ما يؤثر في أبدانهم وما يضرها ومن ذلك ما حرمه الله في قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ} [المائدة: ٣] فكما أنها تورث آكلها خبثا كما سبق, فإنه قد ثبت لدى الأطباء أن الميتة والدم تجتمع فيهما المواد الضارة والسموم التي تضر آكلها, وكذلك لحم الخنزير تبين أن لحمه يشتمل على ذرات حيوانية تضر آكلها. (٣)

ومما حرمه الله تعالى وفيه مضرة على البدن والعقل الخمر وما في حكمها من سائر المفترات والمسكرات وقد بين الله تبارك وتعالى عظيم ما فيها من المضرة فقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] ومن أكبر هذه الآثام وأعظمها ما يحصل من زوال العقل حال شرب الخمر فهي تنقل العقل من حالة التفكير والتدبير إلى الجنون والفساد (٤).


(١) تفسير القرآن العظيم (٤/ ٥٨٣).
(٢) أخرجه ابن ماجة في السنن, كتاب الطب, باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء, برقم (٣٤٣٦) , وابن حيان في صحيحه, كتاب الطب برقم (٦٠٦١) , والحاكم في المستدرك, كتاب الطب برقم (٧٤٣٠) وقال: هذا حديث أسانيده صحيحة كلها على شرط الشيخين و لم يخرجاه, وصححه الشيخ الألباني (صحيح الجامع ١/ ٥٦٥) برقم (٢٩٣٠).
(٣) انظر: التحرير والتنوير (٨/ ١٣٩) , في ظلال القرآن (١/ ١٥٦).
(٤) انظر: جامع البيان (٤/ ٣٢٦) , حكمة التشريع وفلسفته (٢/ ٢٧١).

<<  <   >  >>