للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: التكاثر والتناسل]

من الحِكم العظيمة التي شرع من أجلها النكاح: التكاثر والتناسل.

والمراد بذلك: تكاثر الجنس البشري بالطريق الذي أباحه الله جل وعلا وحفظُه من التعطيل والانقطاع. (١)

وكان من المفاسد التي عوقب بها قوم لوط قطعهم السبيل في قوله تعالى: {وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ} [العنكبوت: ٢٩] أي: قطع النسل والعدول عن النساء إلى الرجال, على أحد أوجه التفسير في الآية (٢).

ولذلك كان حفظ النسل من الضروريات التي جاءت الشريعة بحفظها, وشرع لأجله النكاح, كما قال تعالى: {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧]. أي: ما كتب الله لكم من الولد, وهذا يدل أن النكاح يتحرى به طلب النسل الذي يكون سببا لبقاء النوع البشري. (٣)

• المطلب الأول: التكاثر والتناسل عن طريق النكاح سنة الله في الكون.

ومما يدل على ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: ١].

وهذه الآية العظيمة فيها إشارة إلى بداية تكاثر بني آدم وإلى سنة الله الكونية في ذلك, وأنها الطريقة الشرعية التي أباحها الله للخلق, إنها الفطرة التي فطرها الله في آدم وحواء عليهما


(١) انظر: لسان العرب (١١/ ٦٦٠) , مقاصد الشريعة لليوبي (ص ٢٤٨)
(٢) انظر: معالم التنزيل (٣/ ٤٦٨) , الجامع لأحكام القرآن (١٦/ ٣٥٨) , وعزاه القرطبي لوهب بن منبه, ثم قال: ولعل الجميع كان فيهم فكانوا يقطعون الطريق لاخذ الاموال والفاحشة، ويستغنون عن النساء بذلك.
(٣) انظر: جامع البيان (٣/ ٤٩٨) , بصائر ذوي التمييز (٤/ ٣٣٣).

<<  <   >  >>