إن من رحمة الله تبارك وتعالى أن شرع الله لكلا الزوجين ما لهما من الحقوق وما عليهما من واجبات, وأمرهما بحفظ هذه الحقوق والقيام بها كما ينبغي, وذلك أن النكاح من المعاملات التي إن لم توضع لها الحدود وتبيّن فيها الحقوق فسيكثر وقوع الخلاف والنزاع الذي ينافي حكمة النكاح في الطمأنينة والاستقرار, فالزوج قد يطلب من زوجه حقوقا ليست له والزوجة قد تطلب حقوقا ليست لها.
ولذلك فقد جاء في القرآن العظيم بيان الحقوق التي تخص كلا الزوجين حتى تتضح المعالم وتتحدد المسؤوليات ويزول الغموض والالتباس عن كلا الزوجين في المطالبة بحقوقهما.
ولقد قرر القرآن الكريم هذا المبدأ العام في حفظ الحقوق بقوله تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ... } الآية [البقرة: ٢٢٨] ثم فصل في هذه الحقوق على ما سيأتي:
• المطلب الأول: حفظ حق الزوج.
١. تدبير شؤون الأسرة: وهذا الحق من الحقوق المندرجة تحت قول الله تعالى:
{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}[النساء: ٣٤] فالزوج هو حاكم هذه الأسرة ورئيسها, وهو القائم بتدبير مصالحها, وذلك أن الله فضله بزيادة العقل والدين والولاية وبذلك كان هو الأحق بالنظر في الأقوم لبيته وزوجه وولده, ولذلك فإنه إذا اجتهد في أمر ورأى صلاحه فهو الأحق بتطبيق هذا الأمر (١).
ولا يعني هذا ألا يستشير أهله وولده في شؤون الأسرة ولكن هو الذي عليه تطبيق الأصلح لأسرته وأهل بيته.
(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٩٢) , روح المعاني (٥/ ٢٣).