للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بينهم. (١) وفي قوله: {إِلَّا أَنْ يَخَافَا} على القراءة بالضم (يُخافا) (٢) فالخوف هنا يرجع لولي الأمر أو أهل الزوجين أو من يقوم بالإصلاح بينهما. (٣)

وهذا يدل كذلك على مسؤولية المجتمع في إقامة حدود الله بينهم.

وهذا ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع ثابت بن قيس بن شماس وزوجته رضي الله عنهما, فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله ثابت ابن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكنى أكره الكفر في الإسلام. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فتردين عليه حديقته). قالت: نعم فردت عليه, وأمره ففارقها (٤).

• المطلب الثاني: ثناء الله جل وعلا لمن يقيم حدوده, وذمه للمخالف والمعرض عنها.

رغب الله تبارك وتعالى وحث على إقامة حدوده التي أمر بها وذلك بالثناء على أهلها ووصفهم بالصفات الحسنة التي وعد من اتصف بها بالثواب الجزيل في الدنيا والآخرة كما ذم المخالفين لأمره ووصفهم بصفات يستحقون عليها العقاب في الدنيا والآخرة.

١. الثناء على المقيمين للحدود بوصفهم بصفة العلم.

فقد ختم الله الآيات التي بين فيها أحكام العدة والإيلاء والطلاق والرجعة والفدية في سورة البقرة بقوله: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٢٣٠)} [البقرة: ٢٣٠].

فأخبر عز وجل أن هذه الحدود التي أنزلها مميزا فيها وفاصلا بين الحلال والحرام إنما ينتفع بها الذين يعلمون لأنهم لما علموا أنها من عند الله صدقوا بها وأدركوا ما فيها من المصالح فعملوا بمقتضاها ولذلك فقد شرفهم الله بوصف العلم وخصهم ببيان هذه الحدود دون غيرهم. (٥)


(١) انظر: جامع البيان (٤/ ٥٦٣) , المحرر الوجيز (٢/ ٢٨١) , مدارك التنزيل وحقائق التأويل (١/ ١٢٨) , الكشاف (١/ ١٣٩) , التحرير والتنوير (٢/ ٤٠٨). الجامع لأحكام القرآن (٤/ ٧٥)
(٢) قرأ بالضم في هذه الآية أبو جعفر ويعقوب وحمزة (انظر: النشر في القراءات العشر ٢/ ٢٢٧).
(٣) انظر: الدر المصون (٢/ ٤٤٦, ٤٤٧) , تفسير سورة البقرة للعثيمين (٣/ ١٠٨).
(٤) أخرجه البخاري في كتاب الطلاق, باب الخلع وكيف الطلاق فيه, برقم (٥٢٧٦).
(٥) انظر: جامع البيان (٤/ ٣٩٩) , البحر المحيط (٢/ ٣٢٥) , التحرير والتنوير (٢/ ٤٢١).

<<  <   >  >>