للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم إن هذه المحرمات وأمثالها تولد في نفس آكلها هيئات دنيئة توجب أخلاقا سيئة وفسادا في الطبع مما قد يؤدي إلى الفسق والعياذ بالله.

فالميتة والدم والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع كلها تشترك في علة أنها ماتت والدم محبوس فيها ومحتقن فأصبحت خبيثة تورث خبثا لدى آكلها, ثم إن الشطان يجري في مجاري الدم من الحيوان, ولذلك كانت التذكية الشرعية واجبة لما فيها من تطهير الذبيحة من الدم وخروج الشيطان منها حتى تصبح من الطيبات التي أبيحت لنا.

وأما لحم الخنزير: فإنه الحيوان الذي مسخ الله اليهود الفاسقين بصورته, فأصبح بين هذا النوع من الحيوان وبين هؤلاء المغضوب عليهم البعيدين من الرحمة مناسبة خفية, وأصبح بينه وبين النفوس السوية نفورا, فضلا عما يأكله الخنزير من القذارات والنجاسات.

وأما ما أهل به لغير الله مما يذبحه المجوسي أو المرتد وتارك التسمية: فإن قيامهم بالذبح أكسب المذبوح خبثا أوجب تحريمه, وقد يكون ما يذكرونه عليها من الكواكب والشياطين تكسبها خبثا أيضا, فقبح الفعل يسري ويصل إلى الذبيحة (١)

وقد حرم النبي - صلى الله عليه وسلم - الحمر الأهلية وكل ذي ناب من السباع, لشكاسة أخلاقها وقسوة قلوبها وخروجها عن طبيعة الاعتدال (٢)

فكل هذه المحرمات تورث فسقا والعياذ بالله لدى آكلها, وقد كرّه الله عباده من الفسق والعصيان وكرهه لهم, كما قال تعالى: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧)} [الحجرات:٧].

• التحذير من مشابهة الفاسقين.

كما نهانا الله تعالى عما يورث الفسق من الطعام, نهانا عن طاعة الفاسقين والتشبه بهم في ذبائحهم وطعامهم وما يعتقدونه فيه.


(١) انظر: إعلام الموقعين (٢/ ١٧٢ - ١٧٤) ,حجة الله البالغة (٢/ ١١٢٠ , ١١٢١).,
(٢) المصدر السابق (٢/ ١١٢٢)

<<  <   >  >>