للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعلى المطلِق الذي يرجو التوفيق والصلاح أن يتقي الله في مطلقته بفرض نصيب لها تتمتع به, ولا يشترط لذلك نصيب محدد (١) وذلك كما بين الله تعالى: ... {وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (٢٣٦)} [البقرة: ٢٣٦].

وفي ذلك جبر لخاطر المرأة وصلا ح للرجل, فحين يشعر العبد أنه أحسن للمرأة بهذه المتعة فإنه بذلك قد تصلح نفسه وتتهذب فلا يدعوه ذلك لغيبتها أو الكلام فيها فيفسد ما أمره الله تعالى به من الإحسان إليها.

• المطلب الخامس: تقوى الله تعالى في إرضاع المولود:

لما بين جل وعلا أحكام الرضاعة أمر بتقواه إذ فيها السعادة والفلاح وهي الطريق المبعد عن الوقوع في الظلم والضرر والخلافات والمشاحنات, والتقوى هي التي تخاطب النفس البشرية بما يصلحها وتردعها عما لا يجب أن تقوم به.

فقال عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٣٣)} [البقرة: ٢٣٣].

وفي هذه الآية أمر الباري جل وعلا الوالدين بتقواه فيما يحفظ حق ولدهما في الرضاعة وجعل الأمر شورى بينهما, فلا يجوز لواحد أن يستبد بالأمر دون مشاورة الآخر وهذا من رحمة الله بعباده حيث أرشدهما إلى ما فيه الخير لهما ولمولودهما (٢).


(١) {انظر: أضواء البيان (١/ ١٤٥).
(٢) {انظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٦٣٥).

<<  <   >  >>