للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد جعل الله على المتقين حقاًّ لطليقاتهم ألا وهو حق المتعة فقال: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (٢٤١)} [البقرة: ٢٤١].

واختلفوا هل المتعة على سبيل الوجوب أم الندب, فمذهب الإمام مالك و بعض الأئمة كالليث (١) وابن أبي ليلى (٢) أنها مستحبة وغير واجبة لأن الله تعالى خص بها المحسنين فدل هذا أنها على سبيل الإحسان والتفضل, والجمهور على أن المتعة واجبة لأنه أمر والأمر يقتضي الوجوب (٣) وهو الراجح (٤).

بل جعل القرطبي -رحمه الله- قوله تعالى: {حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} دليلا على تأكيد وجوب المتعة إذ يجب على كل عبد أن يتقي الله. (٥)


(١) الليث بن سعد بن عبدالرحمن، عالم الديار المصرية ثقة ثبت، أبو الحارث الفهمي سمع عطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، ونافعا العمري، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وابن شهاب الزهري, وروى عنه ابن عجلان شيخه وابن المبارك والقعنبي وآدم بن أبي إياس, مات سنة ١٧٥ هـ. (تاريخ بغداد ١٣/ ٣) (سير أعلام النبلاء ٨/ ١٣٦, ١٣٧, ١٦١) (تقريب التهذيب ١/ ٤٦٤)
(٢) هو محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى, العلامة، الإمام مفتي الكوفة وقاضيها، أبو عبد الرحمن الأنصاري الكوفي ولد سنة نيف وسبعين. أخذ عن أخيه عيسى وعن الشعبي ونافع العمري وعطاء ابن أبي رباح، وحدث عنه: شعبة وسفيان بن عيينه وزائدة والثوري وحمزة الزيات وقرأ عليه, وكان نظيرا للإمام أبي حنيفة في الفقه, كان يحيى ابن سعيد يضعف ابن أبي ليلى, وقال العجلي: كان فقيها صاحب سنة صدوقا جائز الحديث, مات سنة ١٤٨ هـ. (سير أعلام النبلاء ٦/ص ٣١٠ - ٣١٥)
(٣) {انظر: المغني (١٠/ ١٣٨).
(٤) {وهذا الرأي هو رأي ابن عمر و علي أبن أبي طالب رضي الله عنهما (الجامع لأحكام القرآن ٤/ ١٦٢) , كما رجح ذلك ابن جرير رحمه الله في تفسيره وقال: " فجعل الله تعالى ذكره ذلك لكل مطلقة، ولم يخصص منهن بعضا دون بعض. فليس لأحد إحالة ظاهر تنزيل عام، إلى باطن خاص، إلا بحجة يجب التسليم لها" (٥/ ١٢٥) وهو رأي ابن قدامة في المغني (١٠/ ١٣٨) , ومال إليه صاحب الأضواء وقال أنه الأحوط (الأضواء ١/ ١٤٤).
(٥) {انظر: الجامع لأحكام القرآن (٤/ ١٦٢) , وقد بين الشيخ محمد الأمين رحمه الله أن الاستدلال بقوله (حقا على المحسنين) وقوله (حقا على المتقين) على استحباب المتعة أنه لا ينهض ولا يستقيم (أضواء البيان ١/ ١٤٥).

<<  <   >  >>