[المبحث الأول: إقامة حدود الله وتعظيم أحكامه]
لقد كان من عادة العرب في الجاهلية أنهم لا يورثون النساء ولا الصبيان, فهم لا يشاركون في جلب المال, ولا يقاتلون الأعداء ولا يحوزون الغنائم, فالأوْلى بمال الميت هو من يقاتل ويضرب بالسيف ويحوز الغنائم.
هكذا كانت عادتهم, فالمرأة والطفل عندهم ليس لهم حق في الميراث.
ولما نزل القرآن على أهل الإيمان مشرعا لهم ومبينا أحكام الميراث في الشريعة الإسلامية جاء بما فيه صلاحهم ونجاتهم, يدعوهم ويأخذ بيدهم لإقامة حكم الله.
وقد ورد في آيات المواريث ما يدعو الفرد والمجتمع لإقامة حكم الله في المواريث, وإزالة الباطل الذي كانوا يعتقدونه من قلوبهم ونفوسهم.
ومن ذلك:
١. المطلب الأول: الوصية بهذه الفرائض, وإضافتها للفظ الجلالة تعظيما لها واهتماما بها.
قال تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (٧)} [النساء: ٧].
فقوله تعالى: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا} يدل على أنه نصيب مبيّن معيّن المقدار والنصاب والمجيء باسم المفعول يدل على أن هناك من فرض هذه الأنصبة وقدرها.
ويأتي بيان المشرّع المقدِّر لهذه الأنصبة في الآية الأخرى بقوله: {فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ} [النساء: ١١]. فالذي فرض الأنصبة وقدرها هو الله, وهو الذي حكم بها وقضاها.
وهذه دعوة إلى التسليم لأمر الله والانقياد لحكمه (١).
(١) انظر: تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢٩) , التحرير والتنوير (٤/ ٢٥٠).