للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة: العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان بما أعطى) (١).

• المطلب الثالث: ابتلاء الله تعالى لعباده بمنعهم نوعا من أنواع الرزق, ليتبين بذلك من يراقبه ممن يخالف أمره.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)} [المائدة: ٩٤].

ابتلى الله عباده واختبرهم بمنع نوع من أنواع الرزق عنهم وجعل تعليل ذلك ليعلم من يراقبه تعالى ويخافه, ممن لا يراقبه ولا يقوى على هذا الامتحان.

وفي قوله تعالى: {بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} بيان أن هذا الابتلاء ليس بالابتلاء العظيم الذي يصيب الأنفس والأموال, فإذا لم يصبروا على هذا فكيف يصبرون على غيره (٢) ومع ذلك فقد كان العرب يفتخرون بالصيد ويتلذذون باقتناصه.

فكان من الابتلاء سهولة تناوله وصيده إما بالأيدي أو بالرماح كما قال تعالى: ... {تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ} , ولقد حصل ذلك للصحابة رضوان الله عليهم في عمرة الحديبية فقد كان يتغشاهم الصيد والطير في رحالهم ولم يروا مثله قط قبل ذلك.

فبيَّن الله عز وجل أن النجاة والفوز في هذا الابتلاء هو مخافته بالغيب, باستشعار رؤيته في الدنيا, سواء كان العبد بين الناس أو بعيدا عنهم.


(١) رواه الإمام أحمد في مسنده برقم (٦١٨٠). وابن حبان في صحيحه, كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة, باب إخباره عن البعث وأحوال الناس في ذلك اليوم, برقم (٧٣٤٠). والطبراني في الكبير برقم (١٣١٨٠). والبيهقي في السنن الكبرى, كتاب الأشربة والحد فيها, باب التشديد على مدمن الخمر برقم (١٧١١٩) , وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (٣/ ٣٨٧) , وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على صحيح ابن حبان: إسناده قوي.
(٢) انظر: البحر المحيط (٤/ ٢٥).

<<  <   >  >>