للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيحفظ الرجل للمرأة حقها, وتحفظ المرأة للرجل حقه, وكأن هذا النداء يذكرهم أنهم من نفس واحدة, فيحافظ كل واحد منهما على زوجه وبذلك تصلح الحياة ويسعد العباد (١).

وفي الآية تذكير للرجال بأن يتقوا الله في نسائهم وفي طبيعة خلقهن وكيف يتعاملون مع أزواجهم, حيث بيّن تعالى أن المرأة خلقت من الرجل, وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أنها خلقت من ضلع , فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خيرا فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاء خيرا) (٢).

فينبغي على العبد حينئذ أن يتقي الله في زوجه ويستوصي بها خيرا ويحسن تربيتها ويصبر على ذلك كما أوصانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

• المطلب الثاني: تقوى الله تعالى تمنع العبد أن يقدم محبة زوجه على حق ربه:

ذلك أن طبيعة النفس البشرية: أن يأنس الرجل بالمرأة وتأنس المرأة بالرجل, ولذلك فقد حذر الله تعالى من صنف من الأزواج يصبح عدوا لزوجه, وذلك حين يصل الأمر إلى التهاون بحقوق الله تعالى وما أمر به من حقوق العباد المتعلقة بالفرد، كبر الوالدين وصلة الأرحام ونحو ذلك فحينئذ تكون هذه العلاقة علاقة معاداة وإن كان ظاهرها المحبة والمودة والشفقة, وفي ذلك يقول الباري جل شأنه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٥) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (١٦)} [التغابن: ١٤ - ١٦].


(١) {انظر: البحر المحيط , (٣/ ٢١٧).
(٢) {رواه البخاري في صحيحه, كتاب النكاح, باب الوصاة بالنساء, برقم (٤٨٩٠) , ومسلم في صحيحه, كتاب الرضاع, باب الوصية بالنساء برقم (١٤٦٨).

<<  <   >  >>