للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: تحقيق الفلاح]

أصل الفلاح البقاء, ومعناه: الفوز والنجاة والبقاء في النعيم والخير. (١)

فالفلاح يكون في الدنيا ويكون في الآخرة, قال ابن كثير (٢) رحمه الله في قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)} [البقرة: ٥] , أي: في الدنيا والآخرة (٣).

وعلى هذا فصلاح المسلم يكون بفوزه وفلاحه في الدنيا بطاعة الله وفي الآخرة بالفوز بالجنة.

وفي آيات المعاملات المالية من التشريعات والأحكام ما إن طبقها العبد المسلم وامتثل ما أمر الله به كان عونا له على الفوز والنجاة والفلاح.

قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٣٠)} [آل عمران: ١٣٠].

فبين عز وجل أن امتثال أمره في ترك الربا سبب للفوز والفلاح, ولا غرو أن يكون هذا الفلاح في الدنيا قبل الآخرة, فإن الله جل وعلا يبارك لمن يطيع أمره فيبيع ويشتري ويتاجر بالمال الحلال, وقد حصل هذا لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أول قدومه المدينة فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قَالَ: قَدِمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ الْمَدِينَةَ فَآخَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْأَنْصَارِيِّ وَكَانَ سَعْدٌ ذَا غِنًى فَقَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ أُقَاسِمُكَ مَالِي نِصْفَيْنِ وَأُزَوِّجُكَ, قَالَ بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ, دُلُّونِي عَلَى السُّوقِ فَمَا رَجَعَ حَتَّى


(١) لسان العرب، (٢/ ٥٤٧).
(٢) إسماعيل بن عمر بن كثير بن ضوء بن درع القرشي البصروي ثم الدمشقي، أبو الفداء، عماد الدين حافظ مفسر مؤرخ فقيه, ولد في قرية من أعمال بصرى الشام عام ٧٠١، وانتقل مع أخ له إلى دمشق سنة ٧٠٦ هـ، ورحل في طلب العلم, وسمع من إسحاق الآمدي وابن عساكر والمزي وابن الرضي وشيخ الإسلام ابن تيمية, من كتبه: البداية والنهاية وطبقات الفقهاء الشافعيين والتفسير وغيرها كثير, وكان كثير الاستحضار حسن المفاكهة سارت تصانيفه في البلاد في حياته وانتفع بها الناس بعد وفاته مات في شعبان سنة ٧٧٤ وكان قد أضر في أواخر عمره (الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ١/ ٢١٨) (الأعلام للزركلي ١/ ٣٢٠)
(٣) تفسير القرآن العظيم: (١/ ١٧١) , انظر: التحرير والتنوير (١/ ٢٤٧)

<<  <   >  >>