للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن المراقبة أن يُنظِر الدائن مدينه في أداء دينه إن كان معسرا, فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال (كان تاجر يداين الناس فإذا رأى معسرا قال لفتيانه تجاوزوا عنه لعل الله يتجاوز عنا فتجاوز الله عنه) (٢) , فكان إنظاره للناس بما قام في قلبه من مراقبة الله تعالى, فتجاوز الله عنه لما كان يتجاوز عن الناس.

فيجب على العبد أن يستحضر مراقبة الله له وأنه مطلع عليه في معاملته للناس خصوصا تلك التي تتعلق بالحقوق المالية, فإن الله وحده هو المحيط بعباده, ويعلم السر وأخفى.

فمراقبة الله إن غابت من قلب العبد فسد قلبه, وأصبح غاشا لنفسه وللمجتمع, فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على صَبِرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال أصابته السماء يا رسول الله, قال: (أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غش فليس مني) (٢).

وهكذا فإن مراقبة الله تعالى تجعل العبد مرتبطا بخالقه, مستحضرا عظمته في كل موقف فيدفعه ذلك إلى العدل في معاملته, وألا يظلم من ظلمه, بل قد يتجاوز ويعفو, فيصلح قلبه ويرتقي إلى درجات الكمال.


(١) رواه البخاري في كتاب البيوع, باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف, برقم (١٩٧٢) ومسلم في كتاب المساقاة, باب فضل إنظار المعسر برقم (١٥٦٠).
(٢) رواه مسلم في كتاب الإيمان, باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من غشنا فليس منا, برقم (١٠٢).

<<  <   >  >>