للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحث الله العباد وندبهم أن يكرموهم ويعطوهم شيئا من هذا المال بِراًّ بهم وإشفاقا عليهم فإن كان المال قليلا أو كان عقارا فإنه يقال لهم قولا معروفا يطيّب خواطرهم ويجبر كسرهم. (١)

ولذلك فقد نبه السلف رحمهم الله على هذه السنة التي قد هجرت, فعن يحي بن يعمر (٢) قال: ثلاث آيات مدنيات محكمات ضيعهن كثير من الناس {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ} الآية وآية الاستئذان {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: ٥٨] وقوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: ١٣] (٣)

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (أمر الله جل ثناؤه المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يَصِلوا أرحامهم ويتاماهم من الوصية، إن كان أوصىَ، وإن لم تكن وصية، وصَل إليهم من مواريثهم) (٤).

وقال الحسن: (ولكن الناس شحوا) , وبه عمل عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما حين قسّم ميراث أبيه لم يدع في الدار أحدا إلا أعطاه (٥).

وفي ذلك أعظم برهان على ما تميزت به الشريعة الغراء من ترابط المجتمع وتكاتفه, كما أن فيه تربية للأمة على التعاون والتأدب بالأدب الرفيع عند الإعطاء أو عدمه بقول الكلام المعروف الحسن الذي لا يجرح ويطيب الخواطر.


(١) انظر: (التفسير الكبير ٩/ ٢٠٤) , (الجامع لأحكام القرآن ٥/ ٤٩) , تفسير القرآن العظيم (٢/ ٢٢١) ,
(٢) يحيى بن يعمر الفقيه أبو سليمان العدواني البصري، العلامة المقرئ قاضي مرو ويكنى أبا عدي حدث عن أبي ذر الغفاري، وعمار بن ياسر مرسلا، وعن عائشة وأبي هريرة، وقرأ القرآن على أبي الأسود الدؤلي, حدث عنه عبد الله بن بريدة وهو من طبقته، وقتادة، وعطاء الخراساني، وسليمان التيمي توفي يحيى بن يعمر قبل التسعين. (سير أعلام النبلاء ٤/ ٤٤١, ٤٤٣).
(٣) أخرجه الطبري في التفسير بسنده (٧/ ٩) , وسعيد بن منصور في سننه (٣/ ١١٦٩) , وانظر: الدر المنثور (٤/ ٢٤٤).
(٤) أخرجه الطبري في التفسير من طريق علي بن أبي طلحة (٧/ ١٣) وابن أبي حاتم في التفسير (٣/ ٨٧٣). انظر: (الدر المنثور ٤/ ٢٤٤).
(٥) جامع البيان (٧/ ٩, ١٠) , (المحرر الوجيز (٣/ ٥٠٤).

<<  <   >  >>