للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ورد في سبب نزول هذه الآية أن مرثد بن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه كان يحمل الأسارى بمكة, و كان بمكة بغي يقال لها عناق و كانت صديقته قال: فجئت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله أنكح عناقا؟ قال: فسكت عني فنزلت {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (٣)} فقرأ علي رسول الله صلى الله عليه و سلم و قال: لا تنكحها (١).

فدل سبب النزول على تحريم نكاح الزانية.

فمن هذه حالهم لا يجوز ولا يصح تزويج الرجال منهم أو تزوج النساء منهن لما في ذلك من نقض دعائم الأسرة الصالحة وفسادها من خيانة الزوج لزوجته, وتسلطه عليها وهي حرة عفيفة كما أن فساد خلقه وذهاب غيرته قد يؤدي إلى فساد الزوجة.

وكذلك الزانية فإنها تفسد على الزوج فراشه وتنقض دعائم بيته. (٢)

أما إذا تاب الزوج وأقلع عن هذه المعاصي وصدق في توبته فلا بأس حينئذ من تزويجه (٣).

وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لقد هممت أن لا أدع أحدًا أصابَ فاحشة في الإسلام أن يتزوج مُحْصنة) فقال له أبيّ بن كعب: (يا أمير المؤمنين الشرك أعظم من ذلك، وقد يقبل منه إذا تاب) (٤).

وكذلك الحال مع الزوجة فإن تابت وأقلعت عما كانت تواقعه من الفاحشة فهي حينئذ مؤهلة لبناء أسرة صالحة.

وهذا ما فعله الفاروق رضي الله عنه حينما أتاه رجل فقال: إن ابنةً لي كانت وُئِدت في الجاهلية، فاستخرجتها قبل أن تموت، فأدركت الإسلام، فلما أسلمت أصابت حدًّا من


(١) رواه أبو داود في السنن, كتاب النكاح, باب في قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية) برقم (٢٠٥١) والترمذي في جامعه كتاب التفسير, باب سورة النور برقم (٣١٧٧) وقال: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه, والحاكم في المستدرك في كتاب النكاح برقم (٢٧٠١) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي, وحسنه الشيخ الألباني (انظر: إرواء الغليل ٦/ ٢٩٦).
(٢) انظر: مجموع الفتاوى (١٥/ ٣١٦). التحرير والتنوير (١٨/ ١٥٣).
(٣) انظر: جامع البيان (٩/ ٥٩٠) , تفسير القرآن العظيم (٣/ ٤٣).
(٤) جامع البيان (٩/ ٥٨٤).

<<  <   >  >>