للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - تحقيق مراد الله تعالى من الحُكْم:

إن المكلف حين يكون على علم بالحكمة التي تتعلق بما شرعه الله تعالى فإن ذلك يكون أدعى له في تحقيق مراد الله عز وجل منه في هذه المسألة. ففرق بين عبد يقوم للصلاة ينقرها نقر الديك، ويؤدي حركات بلا تفكر في هذه الصلاة, وبين عبد يقوم للصلاة مستشعرا أنه بين يدي الله تعالى، وأن هذه الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

وشتان بين صائم عن الأكل والشرب والجماع، وجوارحه تطيش في الحرام وتعمل فيه وبين من صامت جوارحه عما حرم الله قبل أن يصوم عن الأكل والشرب.

يبين هذا ما ورد عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن العبد ليصلى الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها) (١) , فبيّن الحديث أن العبد يصلي الصلاة الواحدة بأركانها ولكن يقبل منه على قدر ما وعى منها.

وكذلك في الصيام فقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) (٢) فأي صوم هذا الذي لم يمنع الإنسان عن ارتكاب ما حرم الله.

وكذلك النكاح فإن من حكمه: الإحصان والبعد عما حرم الله كما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) (٣) , فما بالك برجل قد أنعم الله عليه بالزواج ثم هو يرتكب ما حرم الله من الفاحشة والعياذ بالله!!! ولذلك كانت عقوبة الزاني المحصن أشد من الزاني غير المحصن.


(١) أخرجه أحمد في مسنده برقم (١٨٩١٤) , وقال شعيب الأرناؤوط في تعليقه على المسند: حديث صحيح وصححه الألباني في صفة الصلاة (ص ٣٦).
(٢) أخرجه البخاري, كتاب الصوم, باب من لم يدع قول الزور والعمل به في الصوم برقم (١٨٠٤)
(٣) رواه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح, باب من لم بستطع الباءة فليصم, برقم (٤٧٧٩) ومسلم في صحيحه, كتاب النكاح, باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ووجد مؤونة واشتغال من عجز عن المؤن بالصوم, برقم (١٤٠٠).

<<  <   >  >>