للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما أحسن ما رد به الإمام القرطبي (٢) رحمه الله على الملحدة حين أنكروا الحج وزعموا أن تجريد الثياب يخالف الحياء, والسعي يناقض الوقار، ورمي الجمار لغير مرمى يضاد العقل.

فقال رحمه الله: (فصاروا إلى أن هذه الأفعال كلها باطلة إذ لم يعرفوا لها حكمة ولا علة وجهلوا أنه ليس من شرط المولى مع العبد أن يفهم المقصود بجميع ما يأمره به ولا أن يطلع على فائدة تكليفه وإنما يتعين عليه الامتثال ويلزمه الانقياد من غير طلب فائدة ولا سؤال عن مقصود ولهذا المعنى كان عليه السلام يقول في تلبيته: لبيك حقا حقا تعبدا ورقا لبيك إله الحق) (١).

فالواجب على المكلف أن يتبع أهل الإيمان الذين وصفهم الله تعالى في كتابه فقال: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١].

فالله سبحانه وتعالى له الملك النافذ والتصرف التام وهو سبحانه أعلم بما يصلح عباده في أي زمان أو مكان, {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (١٠٧)} [البقرة: ١٠٧]


(١) هو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي فرح الأنصاري الخزرجي المالكي, سارت الركبان بتفسيره وله كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة, إمام متفنن متبحر في العلم توفي سنة ٦٧١ هـ (طبقات المفسرين للسيوطي ص ٧٩).
(٢) الجامع لأحكام القرآن (٥/ ٢١٥).

<<  <   >  >>