وما في الأرض قادر على أن يغني كلّ أحد من سعته. وهذا تمجيد لله تعالى وتذكير بأنّه ربّ العالمين، وكناية عن عظيم سلطانه واستحقاقه للتقوى. (١)
فعلى المسلم إذا لجأ إلى الطلاق أن يكون متقيا لله جل وعلا, ولا ينوي بذلك شرا أو إضرارا, حتى يحقق الله له ما وعده ويغنيه من فضله.
وقد جاءت الآيات المبينة لأحكام الطلاق مذكرة بالتقوى لأنها تمنع العبد من تغلب هواه عليه في هذه الحالة التي يغلب فيها الغضب ويكون مدعاة إلى الظلم والبغي.
فقد أمر الله عز وجل عباده بالتقوى في مطلع هذه السورة لما في هذا الأمر من المصالح العظيمة التي تعود على الرجل والمرأة.
وإذا تأملت وجه المناسبة بين مطلع هذه السورة والتي قبلها يتبين لك أنه لما ختمت سورة التغابن بالحذر من عداوة النساء, وقد تكون هذه العداوة جالبة إلى الفراق افتتحت هذه السورة بالأمر بالتقوى عند ثوران الغضب وتغلب حظوظ النفس, وأنه يجب على العبد أن يتقي الله في أمر الطلاق وألا يلقيه كيف شاء ومتى شاء.
ولقد جاء قوله تعالى:{وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} معترضا بين جملة {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وجملة}{لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} وحذف متعلق (واتقوا الله) وذلك ليعم جميع ما يتقى الله فيه, وأول ما يقصد بأن يتقى الله فيه ما سيق الكلام لأجله.