للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمر الله تبارك وتعالى الرجل أن يتقيه فلا يطلق إلا في زمن العدة التي شرعت له وسنها النبي - صلى الله عليه وسلم - , وفي هذا ما يعود على الفرد بالخير لما فيه من التأني والتريث الذي يجعل كلا الزوجين يصطلحان وتعود الأسرة متماسكة, بفضل امتثال أمر الله ورسوله. (١)

ولقد أنكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صنيع ابن عمر رضي الله عنهما وتغيظ لذلك حينما علم أنه طلق امرأته وهي حائض, فقد ثبت في الصحيحين أن عبد الله بن عمر طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمرُ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: (مره فليرجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء). (٢)

فعلى العبد أن يتقي الله في الطلاق وألا يطلق إلا في العدة التي أمر الله بها فلا يطلقها وهي حائض أو في طهر قد جامعها فيه وأن يطلقها تطليقة, كما أخرج ابن جرير بسنده عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} قال: (لا يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه، ولكن: تتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة) (٣).

كما أمر الله تبارك وتعالى الرجل إذا طلق أن يتقي الله فلا يدفعه الغضب أن يظلمها بل يجب عليه السكنى والنفقة حتى تنتهي عدتها, ولتأكيد استحقاقها لذلك جاء النص القرآني في قوله: {مِنْ بُيُوتِهِنَّ} فأضاف البيوت لهن لأنهن في حال العصمة كن مالكات له فكذلك في حال العدة.

وعلى المرأة أن تتقي الله تبارك وتعالى في حال العدة كذلك, فلا يجوز لها أن تعتدي على زوجها أو تؤذيه بالسباب والشتائم أو خروجها دون إذنه أو أن تفعل كل ما هو معصية فقد حذرها الله من ذلك فقال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ


(١) {انظر: نظم الدرر (٨/ ٢٤) , التحرير والتنوير (٢٨/ ٢٩٨
(٢) {رواه البخاري, كتاب الطلاق, برقم (٤٩٥٣) , ومسلم في كتاب الطلاق, باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها وأنه لو خالف وقع الطلاق ويؤمر برجعتها, برقم (١٤٧١).
(٣) {جامع البيان (٢٣/ ٤٣٦).

<<  <   >  >>