للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} والفاحشة في هذه الآية تشمل الزنا ?والعياذ بالله- أو النشوز والعصيان أو البذاءة في القول والفعل, فإذا فعلت ذلك جاز لزوجها إخراجها (١)

وفي امتثال التقوى وملازمتها الخير والسعادة وذلك أنه أدعى لرجوع المودة لما يظهر من حسن تعامل الزوج وكرمه ومروءته وعدم الفحش في التعامل, ولما في أدب الزوجة وعدم الإتيان بما فيه معصية من بقاءها في بيتها حتى تنقضي عدتها, ولما في ذلك أيضا من إطفاء جذوة الغضب لدى الزوج ورجوع المودة بينهما كما قال تعالى: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)} والمعنى أننا إنما أبقينا المطلقة في منزل الزوج في مدة العدة، لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رَجْعَتَها، فيكون ذلك أيسر وأسهل. (٢)

ولما أمر الله تعالى بتقواه في العدة وإحصاءها وما ينبغي فيها أمر بتقواه بعد انتهاء العدة وانقضاء أجلها وجاء هذا الأمر مخاطبا به الزوج وأولياء المطلقة.

أما الزوج فعليه أن يتقي الله في طليقته إذا انقضت عدتها ألا يبقيها في عصمته بقصد الإضرار وإنما يسرحها بإحسان أو يمسكها بمعروف, وفي ذلك يقول الله جل شأنه: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٣١)} [البقرة: ٢٣١].

وقال في سورة الطلاق: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ... } الآية [الطلاق: ٢ - ٣]

فأمر الله بتقواه وبين عقوبة من خالف أمره في الموضع الأول ثم بين ما تورثه التقوى من الخير في الموضع الآخر وذلك لما في أمر الطلاق وما يصاحبه من خصومات ونزاعات من حضور داعي الظلم والعدوان على المرأة, حيث إنها ما زالت في عصمته فيدعوه الشيطان ويزين له الإضرار بهذه المرأة الضعيفة بأن يرجعها قبل انقضاء عدتها إضرارا بها فنهى الله


(١) {جامع البيان (٢٣/ ٤٣٦) , أضواء البيان (١/ ١٤٣)
(٢) {تفسير القرآن العظيم (٨/ ١٤٤).

<<  <   >  >>