للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بيّن ابن عباس رضي الله عنهما أن الإضرار في الوصية كبيرة من كبائر الذنوب (١).

وقد حدد النبي - صلى الله عليه وسلم - مقدار الضرر الذي تحصل به المشقة وأن ذلك يكون بالزيادة على ثلث المال, وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لو غض الناس إلى الربع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الثلث والثلث كثير أو كبير) (٢).

وعلى هذا: إن كان الورثة أغنياء استحب أن يوصى بالثلث تبرعا وإن كانوا فقراء استحب أن ينقص من الثلث (٣).

فإذا زاد الوصي على الثلث فقد أضر بورثته, ولذا فإنه يجوز لهم تعديلها إلى الثلث, وقد سمى الله تبارك وتعالى هذا إصلاحا, حفظا لحقوق الورثة فقال: {فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨٢)} [البقرة: ١٨٢].

فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ} إذا أخطأ الميت في وصيته أو خاف فيها، فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب). (٤)

ومن الضرر المنافي للتيسير كتمان الوصية وتبديلها, فقد حكم الله على من فعل ذلك بالإثم فقال: {فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٨١)} [البقرة: ١٨١] ويدخل في ذلك التحريف والتبديل والكتمان (٥).

والإثم مناف لما أراده الله لهذه الأمة من وضع الإصر عنهم والتخفيف عليهم.

ومن الضرر الذي يُلحق العنت بالورثة أن يخص الميت بعض الورثة بزيادة على فرضه الذى فرضه الله له، فيتضرر بقية الورثة بتخصيصه.


(١) كما أخرجه الطبري بسنده إليه في تفسيره (٨/ ٦٥).
(٢) سبق تخريجه (ص ٥١).
(٣) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج (١١/ ٧٦).
(٤) أخرجه الطبري بسنده إلى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (٣/ ٤٠٠) , وابن أبي حاتم في تفسيره (١/ ٣٠٣).
(٥) انظر: تفسير القرآن العظيم (١/ ٤٩٥).

<<  <   >  >>