للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج ابن أبي حاتم بسنده عن سعيد بن عبد العزيز (١) أنه قال: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ, قَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ, يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى, قَالَ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} (٢)

فكيف لا تطمئن النفس ويركن العبد لهذا الوعد الصادق من الله لمن توكل عليه؟! وقد أكّد النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الوعد, فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ثلاثة حق على الله عونهم: المجاهد في سبيل الله, والمكاتب الذي يريد الأداء, والناكح الذي يريد العفاف) (٣).

فهذه الأمور الثلاثة التي وردت في الحديث من الأمور الشاقة التي تقصم ظهر الإنسان وتشق عليه ولولا أن الله تعالى يعينه عليها لا يقوم بها, وأصعبها العفاف, لأنه قمع الشهوة الجبلِّية المركوزة في الإنسان, وهي مقتضى البهيمية النازلة في أسفل السافلين فإذا استعف وتداركه عون الله تعالى ترقى إلى منزلة الملائكة وأعلى عليين. (٤)

وحين يحصل النكاح ويرى العبد ما أنعم الله به عليه من الغنى والرزق بفضل التوكل تنشرح نفسه وتطمأن, فينبغي عليه حينئذ أن يستصحب التوكل في جميع شؤون حياته في العسر واليسر والشدة والضيق, وحين يرزقه الله الأولاد كما قال تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} [الأنعام: ١٥١].


(١) سعيد بن عبد العزيز أبو محمد التنوخي الدمشقي سمع مكحولا والزهري روى عنه الثوري, ثقة إمام سوّاه أحمد بالأوزاعي لكنه اختلط في آخر أمره وقال علي عن الوليد بن مسلم أحدثكم عن الثقات صفوان بن عمرو وابن جابر وسعيد, مات سنة ١٦٧ هـ (التاريخ الكبير ٣/ ٤٩٧) (تقريب التهذيب ١/ ٢٣٨)
(٢) {تفسير ابن أبي حاتم (٨/ ٢٥٨٢).
(٣) {رواه الإمام أحمد في المسند برقم (٧٤١٠) , و الترمذي في كتاب فضائل الجهاد, باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب وعون الله إياهم، برقم (١٦٥٥) وقال حديث حسن صحيح, وابن ماجة في كتاب العتق. باب المكاتب برقم (٢٥١٨) , والنسائي في كتاب النكاح, باب معونة الله الناكح الذي يريد العفاف, برقم (٣٢١٨) , وصححه ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم, وحسنه الشيخ الألباني, انظر: صحيح الترغيب والترهيب (٢/ ٥١).
(٤) {تحفة الأحوذي (٥/ ٢٤٢).

<<  <   >  >>