للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر ليس في سحابة؟ قالوا: لا.

قال: فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم إلا كما تضارون في رؤية أحدهما, قال: فيلقى العبد فيقول: أي فل (١) , ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى, قال: فيقول: أفظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا, فيقول: فإني أنساك كما نسيتني.

ثم يلقى الثاني فيقول: أي فل ألم أكرمك وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى أي رب, فيقول: أفظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا فيقول: فإني أنساك كما نسيتني, ثم يلقى الثالث فيقول له مثل ذلك فيقول: يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسلك وصليت وصمت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول: ههنا إذا, قال: ثم يقال له: الآن نبعث شاهدنا عليك ويتفكر في نفسه من ذا الذي يشهد علي؟ فيختم على فيه ويقال لفخذه ولحمه وعظامه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله عليه) (٢)

فتأمل قوله: (ألم أكرمك وأسودك و أزوجك؟) كيف جعل نسيان هذه النعم سببا في حرمان العبد من رحمة ربه لأنه لم يسخِّر هذه النعم في طاعة الله جل وعلا (٣).

ومن الآيات التي تشير إلى هذا المعنى قوله تعالى:

{خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ


(١) {معنى: أي فل: أي فلان , وهذا من الترخيم (شرح النووي على صحيح مسلم ١٨/ ١٠٤)
(٢) {رواه مسلم في صحيحه , كتاب الزهد والرقائق, برقم (٢٩٦٨)
(٣) {انظر: شرح النووي على صحيح مسلم (١٨/ ١٠٤).

<<  <   >  >>