للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعن أنس بن مالك رضي الله قال: (إني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا إذ جاء رجل فقال وهل بلغكم الخبر؟ فقالوا: وما ذاك؟ قال: حرمت الخمر, قالوا: أهرق هذه القلال يا أنس, قال: فما سألوا عنها ولا راجعوها بعد خبر الرجل). (١)

وبهذا يتبين أن تقوى الله عز وجل حاملة على امتثال الأمر وسرعة الإذعان.

ومن ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد شهد لمن كان مؤمنا متقيا لله ووافته المنية قبل نزول تحريم الخمر بأنهم لو كانوا أحياء لكانوا من المنتهين عنها, وقد رفع الله عنهم الإثم والجناح، فعن ابن عباس قال: لما نزل تحريم الخمر قالوا: يا رسول الله، فكيف بأصحابنا الذين ماتوا وهم يشربون الخمر؟ فنزلت: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ} الآية. (٢).

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لو حرمت عليهم لتركوها كما تركتم). (٣)

ومن هؤلاء المتقين: عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما نزل قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا} [البقرة: ٢١٩] كان يدعو الله ويقول: (اللهم بين لنا في الخمر بينا شافيا فإنها تذهب بالعقل والمال) حتى نزل تحريم الخمر على الإطلاق فقال: (انتهينا انتهينا) (٤) امتثالا لأمر الله وإذعانا له.

فكل هذه الأحاديث تبين ما لتقوى الله تعالى من الأثر الكبير في امتثال أمر الله والإذعان له.

وإذا لازم العبد التقوى واستمر عليها كانت خير معين له على الثبات على الدين وبعده عن الزيغ والانحراف.


(١) {أخرجه البخاري, كتاب التفسير, برقم (٤٣٤١) , ومسلم في كتاب الأشربة, باب تحريم الخمر, برقم (١٩٨٠).
(٢) {أخرجه ابن جرير رحمه الله في تفسيره بسنده إلى عكرمة عن ابن عباس (١٠/ ٥٧٧) وقال الشيخ أحمد شاكر: إسناده صحيح, ورواه أحمد في مسنده برقم (٢٠٨٨) والترمذي في سننه, في كتاب التفسير, برقم (٣٠٥٠) , وقال: حديث حسن صحيح, وصححه الشيخ الألباني والشيخ شعيب الأرناؤوط.
(٣) {أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه, برقم (٨٦٠٥) , وحسنه شعيب الأرناءوط رحمه الله في تعليقه على المسند.
(٤) {أخرجه الطبري في تفسيره (٥/ ٣٣) , وابن أبي حاتم في تفسيره (٤/ ١٢٠٠) والإمام أحمد في مسنده برقم (٣٧٨). وصححه شعيب الأرناؤوط.

<<  <   >  >>