للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حجري، فما يحلُّ لي من ماله؟ قال: (أن تأكل بالمعروف، من غير أن تقي مالك بماله ولا تتخذ من ماله وَفْرًا) (١).

وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, أن رجلا سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال: (كُلْ من مال يتيمك غير مُسْرِف ولا مُبذر ولا متأثِّل مالاً ومن غير أن تقي مالك -أو قال: تفدي مالك -بماله) (٢).

فمن رحمة الله وفضله أن يسر لليتيم من يرعاه ويقوم على مصالحه, وأباح لولي اليتيم إذا كان فقيرا أن يأخذ من مال وليه بالمعروف, وبذلك تتكاتف المجتمعات وتقوى أواصرها فيجد اليتيم من يعوله ويرعاه, ويجد الفقير ما يسد عوزه وفقره (٣).

• وكما أن الله تعالى أمر بالمعروف في التعامل مع مال اليتيم, فيجب أن يكون التعامل بالمعروف في سائر المعاملات المالية, ولقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ما للتعامل بالمعروف بين الناس في البيع والشراء من البركة فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما) (٤).

فإذا حصل الصدق من الطرفين بارك الله للمشتري في سلعته وللبائع في ثمنها, أما إن حصل الكذب والغش من الطرفين أو أحدهما فحينئذ تمحق البركة وتزول.

فإن كان الكاذب أحد الطرفين فإن الحديث يحتمل زوال البركة من كليهما وإن كان الصادق مأجورا والكاذب مأزورا, ويحتمل أن تمحق البركة من الكاذب وحده. (٥)

فعلى المجتمع المسلم الذي يرجو الفلاح والبركة أن يبتعد عن التعاملات المحرمة ويحرص على التعامل المباح والمعروف, حتى تعم البركة وينتشر الخير.


(١) أخرجه الطبري بسنده إلى قتادة في تفسيره (٧/ ٥٩٠) , وأورده ابن حجر في ترجمته لثابت في الإصابة وقال: هذا مرسل رجاله ثقات (انظر: الإصابة ١/ ٣٨٧).
(٢) سبق تخريجه (ص ٤٨)
(٣) انظر: منهج القرآن الكريم في رعاية ضعفاء المجتمع, د. عماد زهير حافظ (ص ١٧٠).
(٤) سبق تخريجه (ص ٥٣).
(٥) انظر: فتح الباري (٤/ ٤١٧).

<<  <   >  >>